[الشبهة الحادية والثلاثون السنة لا تستقل بالتشريع]
هذه الشبهة من القسم الثالث، كما أشرنا في المدخل، والقسم الثالث هو الشبهات التي يتعامل بها منكرو السنة مع السنة إذا يئسوا من التشكيك فيها، ومن محوها من الوجود.
في هاتين الحالتين: اليأس من التشكيك، واليأس من المحو، يتعامل هؤلاء الماكرون مع السنة بشبهات لا تمس صحة صدورها على النبي - صلى الله عليه وسلم - بل يحاولون "تحنيط" السنة ونزع ما فيها من فيوضات روحانية، وهي كالماء في حياة الأمة، الذي لا تحيا بدونه أبداً.
وخلاصة هذه الشبهة أن السنة غير صالحة لتشريع ما لم يرد في القرآن، بل هي بيان للقرآن وكفى. ويعتبرون كل حكم تشريعي كانت السنة هي الدليل عليه، مخالفاً للقرآن، وما يخالف القرآن يكون باطلاً.
وصدور هذه منهم يتطبق عليه القول المأثور:"كلمة حق أريد بها باطل".
وقد بيَّنا في شبهة "مخالفة السنة للقرآن" أن لا مخالفة قط بين السنة والقرآن، سواء كانت بياناً له، أو دليلاً تشريعياً مستقلاً، فليرجع إليه من يريد خشية الإطالة، بذكره مره ثانية.
تفنيد هذه الشبهة ونقضها:
لا ينكر منصف، ولا عاقل أن أحكام الشريعة حوت كثيراً من الأحكام التي دليلها المباشر هو السنة، أما القرآن فسكت عنها تفصيلاً وإن لم تخل "كلياته" من الإيماء إليها إجمالاً، وهذه هي عقيدة السلف والخلف، وإن جحد الجاحدون، أو جهل الجاهلون، أو أرجف المرجفون، أو نكب عن الصراط القويم الناكبون.