المقصود من الوضع في الحديث النبوي، هو الافتراء والاختلاق أي صياغة كلام في الشئون الدينية، وإسنادها إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، على أنه هو قائلها زوراً وافتراء عليه، وهذه الظاهرة لا ينكرها أحد، وهي موضع إجماع عند علماء الحديث وغيرهم من علماء الأمة.
لكن منكري السنة المعاصرين وبعضاً من أسلافهم يملأون الدنيا صياحا للتهويل من شأن هذه الشبهة، والقصد عندهم معروف، وهو التشكيك في ميراث الأمة من رسولها - صلى الله عليه وسلم -، يريدون أن يعتقد للناس سريان الوضع على الأحاديث المتداولة في كتب الصحاح والسنن وغيرها، وهم يعولون على هذه الشبهة كثيرا لأن علماء الأمة - كما تقدم - معترفون بظاهرة الوضع في الحديث، وما دام الأمر - كذلك - فلماذا لا يطرقون الحديد وهو ساخن؟! ويتصل بهذه الشبهة شبهة أخرى، وهي ما يطلق عليه عند علماء الأحاديث مصطلح "الاسرائيليات" ولم نفرد لهذه الشبهة مبحثا خاصا بها، لأنها تندرج - في الواقع - في ظاهرة الوضع بمعناها العام. وإن كان بين الشبهتين فرق فهو الآتي:
إن الباعث على الوضع عند غير بني إسرائيل له صور متعددة سيأتي الحديث عنها بإذن الله.
أما الوضع عند اليهود (بني إسرائيل) فيكاد الباعث عليه أن يكون محصوراً في الكيد في الإسلام، وتضليل المسلمين في عقيدتهم وسلوكياتهم في الحياة.
تفنيد هذه الشبهة ونقضها:
لو كانت ظاهرة الوضع في الحديث قد غفل عنها علماء الأمة من محدثين