للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الرابعة تشدد الخلفاء في الرواية وحبس المكثرين منها]

ما يزال منكرو السنة يتصيدون الشبهات من عصر صدر الإسلام الأول، باعتباره العصر المؤسس لقيام الحضارة الإسلامية الشامخة.

وعلى عادتهم فإن منكري السنة يهولون من شأن هذه الروايات، ويعكسون المقصود منها لتكون النتائج متوافقة مع أهوائهم.

ففي مجال التشدد يتكئون كثيراً على أن الخلفاء. وفي مقدمتهم أبو بكر وعمر ما كانوا يقبلون الحديث إذا سمعوه من راو واحد، حتى يؤيده راو ثان سمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلما سمع الراوي الأول.

هذه الظاهرة كانت كثيرة الوقوع في عصر الخلفاء، ونحن نقربها ولا نرفضها، ولكنا لا نفهم منها فهما معوجاً كما يفهم أو يدعي منكرو السنة.

وقد ذكرنا من قبل مثالين لهذا التشدد، واحداً بكرياً والثاني عُمَرِياً، ولدينا مزيد عنهما وعن غيرهمت. وإننا لسُعَداء بهذه الرويات كما سيأتي.

منكرو السنة يرون في هذه التشدد منقصة للسنة، ويقولون لو كانت السنة من الدين لما وقف في طريقها الخلفاء الراشدون؟! ثم يضيفون واقعة تساند هذا التشدد، وهي ما روى عن عمر بن الخطاب أن استشار الصحابة حين أراد أن يجمع السنة في صحف خاصة بها، فوافقة الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين، ولكن عمر ظل يستخير الله شهراً كاملاً في كتابة السنة فلم يحبب الله إليه كتابتها فانصرف عنها.

منكرو السنة يوظفون هذه الواقعة - إذا صحت - للحكم على السنة بأنها ليست من الدين.

<<  <   >  >>