علماء الحديث - رضي الله عنهم -، بعد الجهود المضنية، التي بذلوها في جمع الحديث النبوي، ووضع المناهج الدقيقة الحكيمة، الجامعة المانعة، للتمييز بين الحديث المقبول، والحديث المردود، ولم ينسبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ما أطمأنت إليه أنفسهم، ومالت إليه عقولهم، ولم ترتبْ فيه قلوبهم، وبعد أن قسموا الحديث المقبول أقساماً ثلاثة، نتيجة للمناهج التي وضعوها في فحص الحديث ونقده، فكانت تلك الأقسام الثلاثة هي على الترتيب المعروف لدى جميع المحدثين، وعامة الأمة:
* الحديث الصحيح، وهو أعلى الأقسام الثلاثة.
* الحديث الحسن. وهو يلي الحديث الصحيح في القوة.
* الحديث الضعيف. وهو يأتي في الدرجة الثالثة في قوة السَّند.
ثم قسموه تقسيناً ثنائياً باعتبار رواة الحديث، وهما:
* الحديث المتواتر، وهو ما رواه جماعة مستفيضة عن مثلهم من بداية السند إلى نهايته مع استواء العدد في كل حلقة.
* حديث الآحاد، وهو ما كان رواته أقل عدداً من رواة الحديث المتواتر: وإن كانوا لم يجمعوا على بداية عددهم، أقول بعد هذا كله، الذي بذلوا فيه أقصى ما يملكونه من طاقات، حملهم الورع، وحساسية التقوى، على أن يقولوا إن دلالة حديث الآحاد هي الظن لا القطع، قالوا هذا الكلام لا عن تقصير منهم - كما عملت - ولكن إبراءً للذمة بينهم وبين الله - عز وجل -.
وليس هذا هو قول جميع المحدثين، لأن منهم من يذهب إلى أن حديث الآحاد، المستوفى شروط الرواية، سنداً ومتناً - يفيد اليقين، وليس الظن.