في هذه الشبهة يحاول منكرو السنة الحط من شأنها، وتجريدها من خصائصها الدينية، فهي عندهم مجرد كلام للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وإن كلامه ليس فيه إلزام للأمة.
ويطعنون في الحديث الشريف:"ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" ويعتمدون في طعنهم فيه على حديث النهي عن كتابة أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام، ويوقولن لو كانت السنة من عند الله لما نهى عن كتابتها النبي، بل كان المتعين الأمر بكتابتها مثل القرآن تماماً.
ويقول بعضهم: لو كانت السنة وحياً من عند الله ما أهمل النبي تدوينها وكتابتها، إلى أن يأتي البخاري ومسلم في القرن الثالث فيقوما بمهمة كان ينبغي أن يدعو إليها النبي نفسه في حياته.
كما يحرفون معنى قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤]
يحرفون معناه، لأن أنصار السنة يستدلون به على أن السنة التي صح صدورها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من عند الله. وإليك ما قالوه فذ هذا الشأن:
قال بعضهم: إن ما كان يقوم به النبي - صلى الله عليه وسلم -، هو وحي كله، لقوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} والاستناد إلى هذه الآية الكريمة لا مسوغ له هنا، فالضمير "هو" لا يعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما يعود بووضح - وحصرا - إلى الكتاب المنزل. [الكتاب والقرآن: ٥٤٥] د/ محمد شحرور.
هذه خلاصة وجيزة لما قالوه حول تفريغ السنة من محتواها الديني، باعتبارها شطر الرسالة الثاني بعد القرآن، وتراهم في سبيل الوصول إلى هذه الآية.