الذين يسعون الآن لعزل سنة خاتم النبين عن حياة الأمة يتصيدون الشبهات بغير روية ولا حياء، ولم يتركوا اقوالآً مما عثروا عليه مسْطوراً في الكتب مهما كان وزنها خفيفاً إلا أضفوا عليه ثالة من الترويج، ليشككوا من استطاعوا من العوام في الحديث النبوي.
وقد رأينا عند الحديث عن الشبهة الأولى كيف حرصوا على التمسك بحديث النهي عن كتابة الحديث، وفي الوقت تفسه أعرضوا عن أحاديث الإذن في الكتابة، والوقائع العملية الثابتة، أما في هذه الشبهة فيركزون اهتمامه كل التركيز على مواقف عابرة عرفت عن الشيخين أبي بكر وعمر، بل ويهولون من شأن روايات لم تثبت، لأنها تخدم غرضهم من قريب أو من بعيد.
والمعروف أن خطتى أبي بكر وعمر تهدفان إلى أمرين بالنسبة للقرآن والحديث النبوي.
أما بالنسبة للقرآن فكان الهدف توفير العناية به حفظاً وتأملاً زتلاوة، لأنه أصل الأصول في الدين كله، وبخاصة أنه لم يكن مجموعاً في أول الأمر في صحف خاصة به.
وأما بالنسبة إلى حديث رسول الله فكان الهدف التثبت فيما يروى منه، والإقلال من روايته حتى يتمكن القرآن في القلوب، ويقف المسلمون على معانيه ومقاصده، وهو الأمر نفسه الذي من أجله نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كتابة حديثه. ثم عاد فاذن بكتابته كما تقدم.
وهذه الحقائق اللائحة لم ترق أعداء السنة فاغمضوا أعينهم عنها، وصوروها في غير صورتها، وروجوا بين الناس أن السنة لو كانت من الدين ما