وقف منها الشيخان أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما - هذا الموقف، ولاهتما بها اهتمامهم بالقرآن نفسه.
تفنيد هذه الشبهة ونقضها:
ليس صحيحاً أن الشيخين كانا يكرهان الإكثار من كل الأحاديث المروية عن رسول الله، وإنما كانا يكرهان الإكثار من رواية أحاديث الرخص لئلا يتكل الناس عليها، كما كانا لا يحبان الإكثار من الأحاديث "المشكلة" أو "المتشابهة" لئلا يستعصى فهمها على عامة الناس.
أما أحاديث العزائم، والأحاديث التي تتعلق بأفعال المكلفين في العبادات والمعاملات والأخلاق، فلم يطلب الشيخان الإقلال من ذكرها والتحدث بها.
بل إن المحفوظ عنهما أنهما كانا كثيراً ما يسألان الصحابة عما عندهم من رسول الله إذا عرضت لهما خصومة للفصل فيها، فإذا وجد عند الصحابة شيئاً عن رسول الله من قضاء أو قول عملاً به، واعتبراه الفصل الواجب اتباعه في إصدار الحكم الشرعي.
روى قبيصة بن ذؤيب أن جدة جاءت إلى أبي بكر تطلب إرثاً. فقال أبو بكر: ما أجد لك في كتاب الله شيئاً، ما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكر لك - اي للجدة مطلقاً - شيئاً ثم سأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطيها السدس. قال أبو بكر: هل معك أحد؟ فشهد محمد بن مسلمة الأنصاري بمثل ما قال شعبة. فأنفذه أبو بكر - رضي الله عنه -. [نيل الأوطار: ٦/١٧٥ للشوكاني] .
وما روى أن أبا موسى الشعري استأذن على عمر ثلاثاً فلم يأذن له. فرجع، فاستدعاه عمر ولامه، فاعتذر أبو موسى بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا اساذن أحدكم ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع" فقال عمر:
"لتأتيني على هذا (الحديث) ببينة، أو لأوجعن ظهرك. وأجعلك عظة.