وعبَّر عن إيمان هؤلاء الراسخين في العلم والإيمان بالظن فقال:"يظنون" ولم يقل: يؤمنون، أو يعتقدون، للدلالة على أن الظن قد يكون قوياً فيعمل به ولا حرج.
كما حكى عمن يؤتي كتابه بيمينه يوم القيامة أن من أسباب فوزه في الآخرة وابتهاجه أنه كان يظن في الحياة الدنيا أنه سيبعث بعد موته، ويقف أمام الله - عز وجل - فيوفيه أجره:
فليس الظن كله مذموماً، أو مردوداً، ولكن المذموم منه هو الظن السييء كما قال - عز وجل -: {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}[الحجرات: ١٢] وهذا معناه أن بعضه حق وصواب. وهو المقصود عند علماء الحديث هنا والظن الذي تفيده بعض الأحاديث والسنن هو الظن الممدوح الذي يكفي حصوله في امتثال الأمر، واجتناب النهي، وعلى ذلك تنزَّلت آلاف الأحكام الفقهية في هذه الشريعة الرحيمة.
فما يبقى - بعد ذلك - لمنكري السنة من تمسك بهذه الشبهة الواهية؟
وددنا لو أنهم لم يلقوا القول على عواهنه، ولم يُسْلِسُوا مقادهم للأهواء، والحق - لو أردوه - أقرب إليهم من حبل الوريد.