للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم يذكرون أن علياً - رضي الله عنه - لم يكن يقبل الحديث من راو واحد، حتى يستحلفه بالله أنه سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

كما يدعون أن عمر بن الخطاب كان يحبس المكثرين من رواية الحديث، فحبس ابن مسعود، وأبا الدرداء، وأبا ذر - رضي الله عنهم - أجمعين، وربما أضافوا إلى هؤلاء الثلاثة رابعاً.

تفنيد هذه الشبهة ونقضها:

نبدأ بما بدأوا به، وهو رد الحديث من الراوي حتى يشهد معه راو ثان.

إن هذه الخطة لم تكن هي الوحيدة في هذا المجال. وهي بالنسبة لبي بكر لم تتكرر [ينظر الإحكام لابن حزم (١/١٤١) ] ، حيث لم يطلب في غير مسألة ميراث الجدة راوياً ثانياً قط. وأبو بكر - رضي الله عنه - ففيه قاض، والشهادة في الحقوق المالية أو المدنية بشاهدين عدلين لا بشاهد واحد، فربما كان الحامل لأبي بكر في مسألة ميراث الجدة على طلب راو ثان يؤيد ما شهد به الراوي الأول، هم إكمال الشهادة ليكون الحكم صحيحاً غير مشوب بخطأ أو قصور في إجراءات التقاضي.

ويقوى هذا الفهم - عندنا - قبول أبي بكر الحديث من راو واحد في غير مسألة "الجدة" هذه.

أما عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، مع تكرار التوثيق منه بالراوي الثاني مرات. فإنه جمع بين هذه الخطة وبين قبول الحديث من راو واحد، والعمل يه. وسيأتي هذا في مبحث "أخبار الآحاد" فلا داعي لذكره هنا خشية الإطالة والتكرار وكذلك الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، فمع ما عرف عنه من استحلاف الراوي الواحد إذا لم يكن معه ثان، فإنه عرف عنه - كذلك - قبول الحديث من راو واحد دون أن يستحلفه.

<<  <   >  >>