للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن وجود السنة - عندهم - يبدأ بجمعها وتدوينها فقط لذلك جزموا بعدم وجودها في القرنين الأول والثاني الهجريين، وشطر من القرن الثالث؟!

ونوجه إليهم هذا السؤال:

من أين جمع علماء الحديث السنة في القرن الثالث؟! هل هم ابتدعوها ابتداعاً من عند أنفسهم، وانتحلوها كانتحال الشعر الجاهلي حسب مزاعم المستشرقين أسيادكم؟ أم جمعوها من حفاظها ومصادرها التي سمعتها عن الرواة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟

إن قلتم ابتدعوها ابتداعاً من عند أنفسهم فلا كرم لنا معكم، وإن قلتم جمعوها من صدور حفاظها الثقات قلنا لكم:

إذن السنة كان لها وجود في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة، وبعد الهجرة، لأن السنة هي أقواله وأفعاله وتقريراته. فهي كانت كالزرع ينمو ويتكاثر على مدى حياة من أرسله الله رحمة للعالمين.

وإذا كان هذا هو الواقع فلماذا تفرقون بين الحفظ في الصدور، والخط في السطور.

إن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تفرقوا في الأمصار عقب وفاة صاحب الرسالة، وأحلوا بها وفي صدورهم وعلة ألسنتهم أحاديث النبي عليه السلام وسمعها منهم التابعون في كل مصر من الأمصار التي فتحها الإسلام، وكانت هذه السنة مصابيح هدى بعد القرآن لدى المسلمين الأوائل.

ولذلك لما رأى الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز جمع السنة وتدوينها على نطاق واسع، دبت حركات الجمع في كل الأقطار.

في المدنية، وفي مكة، وفي البصرة، وفي الكوفة، وفي اليمن وفي خراسان، وفي واسط، وفي مصر، وفي غيرها.

وإن النهي عن كتمان العلم، والسنة من أشرف العلوم الإسلامية، كان يوحي لحفاظ السنة من الصحابة - رضي الله عنهم - أن يحدثوا بها الناس، ويبلغوها كما يبلغون القرآن.

<<  <   >  >>