للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الفريق الثاني، فيعترفون - وهم كارهون - بأحاديث الإذن. ثم يقفون منها موقفين:

الأول: هو الطعن فيها بعدم الصحة، ودعاة الطعن منهم قلة.

الثاني: هو القول بأن أحاديث اذن كانت أولاً. ثم جاء حديث النهي ثانياً فنسخ الإذن في كتابه الأحاديث، وصار النهي هو الموقف النهائي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا من أفحش الأخطاء بلا نزاع.

فقد تقدمت الإشارة إلى حديث أبي شاه الذي أمر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يكتبوا له خطبة رسول الله عام الفتح، أي العام التاسع الهجري.

كما تقدم خبر الصحيفة التي كتب فيها الإمام علي - رضي الله عنه - بعض أحاديث الأحكام. وهذا بالقطع كان بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو كان حديث النهي عن كتابة الحديث هو الناسخ لأحاديث الإذن ما ساغ للإمام علي - رضي الله عنه - أن يحتفظ بتلك الصحيفة التي كان يسميها "الصادقة" لأن احتفاظه بها يكون حينئذ معصية لنهي رسول الله. وهذا لا يصح صدوره من أي صحابي غير علي.

فكيف يصح عنه وهو من هو طاعة لله ولرسوله؟!

وللقارئ أن يتبين حجم الضلال وشناعته الذي يغدو فيه منكرو السنة ويروحون؟

فقد تمسكوا بحديث واحد، وأعرضوا عن طائفة من الأحاديث والوقائع، وضربوا بمواقف علماء الحق عرض الحائط، لأن هدفهم هو تحقيق مطامع أعداء الإسلام في الإسلام، فركزوا على محو السنة من حياة المسلمين، والسنة نصف الإسلام فإذا تمكنوا محوها، أو التشكيك فيها تمكنوا في الوقت نفسه - لا قدر الله - من تحنيط القرآن وعزله عن حياة المسلمين. والله لهم بالمرصاد وهو لا يصلح عمل المجرمين.

* * *

<<  <   >  >>