كتابة الأحاديث الشريفة للناس، ويكتفي بإسماعهم الحديث لئلا يتكلوا على الكتابة ويهملون الحفظ، وفي عهد هشام بن عبد الملك أشار على الزهرى أن يكتب لولده - ولد هشام - اربعمائة حديث ليحفظها، فامتنع الزهرى، لكن هشاماً ألح عليه حتى وافق الزهرى. ولما كتب الأحاديث الأربعمائة خرج فقال للناس، الذين كانوا يطلبون أن يكتب لهم الأحاديث فيمتنع، قال لهم بصوت عال:
"أيها الناس: إنَّا كنا منعناكم أمراً - اي كتابة الأحاديث لهم - وقد بذلناه الآن لهؤلاء. وأن هؤلاء الأمراء اكرهونا على كتابة الأحاديث، فتعالوا حتى أحدثكم بها، فحدثهم بالأربعمائة حديث".
هذه هي الواقعة بكل ملابساتها، ومما يحمد للزهرى فيها أنه أبراً ذمته، وسوَّى بين جميع طلاب العلم، وبين ابن الحليفة كما وضح للناس السبب في كتابته الأحاديث لابن هشام وهو غلحاح هشام عليه كما جاء ذلك واضحاً في كلامه، الذي رواه ابن عساكر وابن سعد، وشاركهما الخطيب في ذكره.
الواقعة بعد التحريف:
كان جولدزيهر أول من حرَّف عبارة الإمام الزهرى تحريفاً خطيراً أفسد المعنى المراد عند الإمام الزهرى.
فقد حرَّف عبارة الزهرى "أكرهونا على كتابة الأحاديث" إلى قوله: "أكرهونا على كتابة أحاديث"؟!
والفرق بين العبارتين كبير وخطير:
فعبارة الإمام الزهري معناها أن هشاماً أكرهه على كتابة أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومعنى عبارو زيهر أن هشاما أكره الزهرى على كتابة أحاديث مفتراة لم يقلها النبي - صلى الله عليه وسلم -؟!.