مزورين على رسول الله، هل كان الله يزكيهم هذه التزكية، ويثنى عليهم هذا الثناء؟
إن تحريف الألفاظ كتحريف المعاني، وهما منافيان للأمانة والعدالة والصدق. فكيف ساغ لهؤلاء المرجفين أن يصموا الصحابة والتابعين بالتزوير على الله ورسوله؟ إنهم رجال القرون الأولى، وهي خير القرون، لقرب اصحابها من عصر الوحي الأمين، ومشاهدة الرواة لرسول الله، وشرف الصحبة، الذي لا يعادله بعد الإيمان شرف مهما كان.
ثانياً: إن الرواية بالمعنى كانت موضع حرج شديد عند الرواة، وهي استثناء أو رخصة نادرة الوقوع فقد كان الصحابة يروون السنة مع الحرص الشديد على ألفاظها ومعانيها، وكانوا إذا أضطر أحدهم إلى رواية بالمعنى في لفظ من عنده. نبَّه على هذا حتى لا يظن ظان أن ذلك اللفظ من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، على أن وقوع الرواية بالمعنى - مع ندرتها لم يجزها العلماء إلا في الواية الشفهية عند الضرورة القاهرة، أما في تدوين الحديث في كتب، فلم يجز علماء الحديث إبدال اللفظ النبوي، وإذا شك الراوي فإن عليه أن ينبه على ذلك بأن يقول: أو قال. وكذلك فإن مخرجي الأحاديث يحرصون على ذلك كأن يقولوا "شك من الراوي".
وأحيانأً يضيف الراوي عبارة أو جملة توضيحية، بين أجزاء الحديث النبوي. وهذا قد وضع له رجال الحديث ضابطاً أسموه "الإدراج" أو "المدرج" ليميزوا بينه وبين متن الحديث النبوي.
وايا كان فإن الرواية بالمعنى جائزة في أضيق الحدود إذا دعت إليها ضرورة.
قال الماوردي:"إذا نسى اللفظ جاز - يعني الرواية بالمعنى - لا سيما أن تركه قد يكون كتماناً للأحكام فإن لم ينسه لم يجز أن يورده بغيره، لأن في كلامه - صلى الله عليه وسلم - من الفصاحة ما ليس في غيره.
وقال الجلال السيوطى عن الصحابة إذا روَوْا بالمعنى: "وكان أصحاب