للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبقى ما هو أجلى من ذلك وأقوى على حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على الرواية عنه باللفظ والمعنى:

فعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:

"إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن. ثم قل:

"اللهم إني أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به" انتهى الحديث.

قال البراء: فرددتها على النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما بلغت: آمنت بكتابك الذي أنزلت" قلت: ورسولك الذي أرسلت.

فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -:: لا، ونبيك الذي أرسلت" رواه الستة.

فأنظر إلى اي مدى كان حرص النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يكون تَحَمُّلُ الحديث وأداؤه عنه كما نطق به هو عليه السلام بألفاظه ومعانيه، لذلك لم يقر البراء بن عازب أن يذكر "رسولك" مكان "نبيك" وأعاده إلى الصواب كما نطق هو، مع قرب معنى "رسولك" من معنى "نبيك" لأن للألفاظ وإن تقاربت معانيها خصوصيات دقيقة تجعل اللفظ لا يسد مسد اللفظ الذي قاربه.

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: ٣٧]

* * *

<<  <   >  >>