للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول يكفينا هذا، ولا نتطلب شيئاً آخر بعده، لأن به تقوم الحجة، ويتضح المراد.

تحريف معنى الآية:

رأينا كيف حرّضف منكرو السنة معنر آية "النجم" وجزموا بأن {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} وصف للقرآن وحده، ولا تدخل السنة في هذا الوحي بحال، ويقدح في هذا الجزم سياق الآيات:

{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (٢) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} .

منكرو السنة فرَّقوا بين الضمير المستتر في "ينطق" وهو فاعل النطق فجعلوه للنبي أو أبقوه على دلالته الظاهرة - وهذا حق لا نزاع فيه - وبين الضمير الظاهر المنفصل في {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} فجعلوا الضمير (هو) عائداً على القرآن وحده.

وهذا تعسف محض؛ لأن القرآن لم يرد له ذكر هنا حتى يعود عليه الضمير، ولأن لهذا الضمير مرجعاً في الآية قبله، وهو "النطق" المفهوم من الفعل المضارع "ينطق" أي: وما نطقه - صلى الله عليه وسلم - إلا وحي يوحى. سواء في ذلك القرآن والسنة. ولأن المقام مقام ثناء وتزكية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. من طهارة قلب، وصدق لسان.

وقد أكد الحق - عز وجل - هذا الثناء بالتوكيد القسمي {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} .

ثم نزه الله رسوله بعد ذلك فنفى عنه الضلال والغواية {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} .

ثم نفى تاثير أهواء النفس في قوله وحديثه (نطفه) {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} . ثم حصر نطقه في كونه وحياً.

فمن اين فهم هؤلاء المرجفون أن الضمير في {إِنْ هُوَ} عائد على القرآن وحده؟

<<  <   >  >>