للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* وأقام عليها حدين، أحدهما للأب، والآخر للأم، ولو أن رجلاً قذف جماعة فليس عليه إلا حد واحد.

* وجمع بين حدين في مجلس واحد، والحدود لا يجمع بينها حتى يجف السابق منها.

* وأقام الحد والمقذوف غائب، ولم يحضر ولم يدع (يرفع الدعوى) .

* وأقام الحد على مجنونة، والجنون يرفع المسئولية. هذه المواقف الجادة أكثرت من شدة الخصومة على الإمام أبي حنيفة وأشاع عنه خصومه، وهو حي، أنه يرفض الاستدلال بالحديث النبوي، ويفتى في المسائل التي لم يجد لها دليلاً في القرآن، يفتى فيها برأيه ولا يَعْمَل فيها بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وقد تصدى الإمام أبو حنيفة لهذه الافتراءات التي روجها خصومه ضده.

ومنكرو السنة وجدوا هذه الشبهة جاهزة، فتلقفوها كما تتلقف "الجلالة" القاذورات من أكوام القمامة ثم أخذوا يعجنون منها ويخبزون، ويبالغون فيها ويضيقون زعموا أن أبا حنيفة لم يكن يقبل من السنة إلا سبعة عشر حديثا وأن فقهه متأثر بالثقافة الفارسية الوثنية، وهو فارسي الأصل، والحنين إلى الأصل غريزة مركوزة في طباع الناس، والهدف من هذه اللجاجة إلى العامة بأن السنة لا يثق في صحة رواياتها الإمام أبو حنيفة، وهو ما من هو في الإمامة والريادة والفقه. فمن الضلال إذن اعتبار السنة مصدراً للتشريع في الإسلام؟!

تفنيد هذه الشبهة ونقضها:

إن فيما تقدم جانبا كبيراً في تفنيد هذه الشبهة ونقضها فقد عاش الإمام، وهو عالم، أكثر من ثلاثين سنة في ظل الدولة الأموية، وثماني عشرة سنة في ظل الدولة العباسية، وقد ضيق عليه الأمويون الخناق ففر من دمشق عاصمة دولتهم إلى مكة المكرمة، ثم عاد إلا بغداد لما آل الأمر إلى بني العباس ولكن تمسكه بالحق، والانتصار له أنشأ بينه أمراء الدولة العباسية خصومة جديدة، إلى درجة أن منعوه من الفتوى ودرس العلم، وزجوا به إلى السجن في آخريات حياته

<<  <   >  >>