ويشنع على من يقف - دائماً عند ظواهر الألفاظ فقال عطفاً على ما تقدم:
"وفهمت - يعني الأمة - من قوله تعالى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} إرادة النهي عن جميع أنواع الأذى بالقول والفعل ... فلو بصق رجل في وجه والديه وضربهما بالنعل، وقال: إني لم أقل لهما أف" لعدة الناس في غاية السخافة والحماقة والجهل.." ثم يصف من يمنعون صرف ظاهر اللفظ إذا اقتضاه مقتضٍ من الشرع أو العقل فقال ويالحسن ما قال:
"ومنعُ هذا مكابرة للعقل والفهم والفطرة"
ومن مرونة عقل هذا الإمام أننا رأيناه يفُسح مجالاً في الفكر للتفسير الإشاري عند الصوفية وليس له قوة علاقة بالألفاظ كما المجاز، ومع هذا يفسح الإمام صدره له فيقول:
"وهذا لا بأس به بأربعة شرائط: ألا يناقص معنى ألاية، وأن يكون معنى صحيحاً في نفسه، وأن يكون في اللفظ إشعار به، وأن يكون بينه وبين معنى الآية ارتباط وتلازم، فإذا اجتمعت هذه الأمور الأربعة كان استنباطاً حسناً".
وصفوة القول: -
هذه الجولة التي قمنا في تراث الإمام ابن القيم تفيد أن له في المجاز مذهبين، أحدهما مشهور، وهو إنكار المجاز استناداً إلى ما كتبه في "الصواعق المرسلة، على الجهمية والمعطلة.
والثاني غير مشهور، وهو إقراره بالمجاز عن رضاًَ وإقتناع.
والذي نرجحه أن مذهبه الإقرار بالمجاز هو الأصل والمعتقد عند الإمام التلميذ كما كان هو الأصل والمعتقد عند الإمام الشيخ ابن تيمية رحمهما الله.