الأول: أنهما لم ينكرا المجاز في جميع مؤلفاتهم بل أنكره كل منهما مرة واحدة في مؤلف واحد: الإمام ابن تيمية في كتابه "الإيمان" والإمام ابن القيم في كتابه "الصواعق" وفيما عداهما لم يتعرضا لإنكاره حتلا في المواضع التي ورد فيها ذكره مرات. وذاد الإمام ابن تيمية حيث ردد في قسم أصول الفقه ما سبق ذكره في كتابه "الإيمان".
الثاني: تم كلا منهما اقر بالتأويل المجازي الواضح إما نقلا عن السلف وغيرهم، وإما في حر كلامهما.
كما أقرا بالمجاز فيما حكاه عن غيرهما، وفي حر كلامهما وأعملاه حتى في النصوص القرآنية كما تقدم.
الثالث: ان أدلة الإنكار التي استندا إليها في مرحلة إنكارهما للمجاز مردود عليها كلها حتى الوجوه الخمسين التي ذكرها ابن القيم في كتاب "الصواعق" وللقارئ أن يقرأ ما كتبناه في الرد عليهما في كتاب "المجاز" الذي تقدم التعريف به في أحد الهوامش السابقة.
ويضاف إلى هذا أننا استخلصنا فيما تقدم أن الإمام ابن تيمية من خلال النصوص التي نقلناها قد رجع عن كل الدعائم التي استند إليها في إنكار المجاز في كتاب "الإيمان" الادعامة واحدة لم نعثر في كلامه على ما يفيد الرجوع عنها، وهي: عدم ورود المجاز عن السلف في القرنين الأول والثاني الهجريين، وهذا متمسك خفيف الوزن، لإن المجاز مصطلح، والمصطلحات لا تواكب نشأة العلوم والفنون، وإنما تأتي متأخرة نتيجة لتطور البحث. فما أكثر المصطلحات التي استجدت بعد القرنين المشار إليهما في أصول الفقه، وفي الفقه وفي علوم القرآن وعلوم اللغة والأدب والنقد والبيان ولم يقل أحد ببطلان تلك المصطلحات لعدم وجودها في القرنين الأولين.
الرابع: أن سوء التأويل لدى بعض الفرق والإسراف في صرف الألفاظ عن ظواهرها بدون مقتض من الشرع أو العقل، والإفتراء على اللغة حتى كادت تفقد ثقة