قلت: فإن فعل. قال: يبطل وقد تقدم السؤال في مسألة محمد بن عبد الحكم إلا أن الجواب عنه غير بين ثم قال لي وليس يبعد أن ينفذ ذلك، قلت: فإن كان الحق الثابت عنده ببلده على من هو بموضع احتلاله فأعلم قاضي ذلك الموضع مشافهة بما ثبت عنده هل يكون لمخاطبته إياه بذلك في بلده؟ فقال: ليس لي مثله، قلت له: وما الفرق؟ فقال لي: هو في إخباره هنا بما كان ثبت عنده طالب فضول وما الذي يدعوه إلى ذلك؟ قلت له: وما يمنع من إخباره به ويشهد عند المخبر بذلك وينفذه كما يشهد عنده بما يجري في مجلسه من إقرار وإنكار ويقضي به، فقال: ليس مثله، ولكن إن أشهد هذا القاضي المخبر بذلك شاهدين في منزله وشهد بذلك عند قاضي الموضع نفذ وجاز.
قال القاضي أبو الأصبغ: ورأيت فقهاء طليطلة يجيزون إخبار القاضي المجتاز بذلك البلد قاضي البلد به وينفذ ويرونه كمخاطبته إياه.
فصل
وقال محمد بن حارث بن أسد الخشني: سميت فصول المقالات المنعقدة عند القضاة قبل السجلات وهي التي يفتتح بها الخصومات محاضر وأحدهما محضر لما لزمها في هذا الاسم عند العلماء المتقدمين، وهو مأخوذ من حضور الخصمين بين يدي القضاي واختلف في اللفظ التي يفتتح بها تلك الفصول فكتب بعضهم حضرني فلان بن فلان، لأن تلك الصحيفة عنده وفي ديوانه فكأنه مخاطب لنفسه ومذكر لها بما كان بين يديه.
وكتب بعضهم قال فلان حضرني فلان وهذا كله عندي إذا كتب بخط يده، وأما إن كتب عنه كاتبه فلا يكتب حضرني لأنه يقع حينئذ في الظاهر كناية عن الكاتب.
قال ابن الحارث: والذي جرى به رسم قضاة الجماعة بقرطبة أن يكتب الكاتب قال عند القاضي فلان بن فلان قاضي الجماعة بقرطبة فلان بن فلان إذ قام عليه خصمه فلان فادعى عليه كذا فقال فلان إنه لا يعرف شيئاً من ذلك ولا يقر به.
قال القاضي أبو الأصبغ: وقد أنكر على بعض شيوخي هذا وكان الصواب عنده قال في مجلس نظر القاضي فلان بن فلان قاضي الجماعة بقرطبة أو بموضع كذا فلان بن فلان إذ وقفه فلان بن فلان على كذا وكذا وقد كتب على فلان بن فلان كذا وكذا دينارًا دراهم أسلفه إياها ودفعها إليه وقبضها فلان منه وصارت عليه حاله، وكان ذلك من مقاله ودعواه بمحضر المطلوب فلان فأنكر ما أدعاه وقال إنه لم يسلفه شيئًا ولا له قبله