دار تنازع فيها مدعوها، واختلف الشهادات تفيها، وتضمنت ذكر رجوع الشاهد، وجرحته بعد الحكم:
من أحكام ابن زياد: فهمنها - وفقك الله - ما شهد به ابن عبيد وابن شراحبيل في الدار التي حكمت فيها سيدة ابنة رضوان وسعيدة، اللتين اختصمتا فيها، فادعتها سعيدة لنفسها، وادعتها سيدة لأمها، وأنها توفيت وقد أوصت بثلثها فيها، وثبت عندك أنها لرضوان، وحكمت بها لورثتها ولوصيتها، بعد الإعذار إلى سعيدة في ذلك وتأجيلها آجلاً واسعة.
ثم أتت سعيدة بابن عميرة وغيره فشهدوا أنهم يعرفون الدار لسعيدة، ووصفوا حدودها، وكان في شهادة الصدفي وصاحبيه الذين حكمت بهم أن حد الدار التي لرضوان كذا وكذا؛ فودنا في شهادة ابن عبيد وابن شراحبيل أنهما لم يعرفا الحد الجوفي، وفي شهادة رضوان أن الحد الجوفي هو في دار رضوان؛ فلم يكن في شهادة ابن عبيد وصاحبيه ما يدفع به ما شهد به شهود رضوان؛ إذ لم يعرفا الحد وعرفها شهدوها؛ فشهاتهما غير ظائرة لشهود رضوان، ولا يجب بها توقف الحكم.
ونظرنا فيما طعن به في شهادة سعيدة فوجدناها غير ظائرة للحكم ولو كان فيما شهد به عليه رجوع عن شهادته لما ضر الحكم ولا وجب التوقف، لأنك قد حكمت بشهادته وشهادة رجلين سواه، ولو لم يكن في الحكم غيره وآخر إليه ثم رجع عن شهادته مضى الحكم وغرم نصف قيمة الدار لسعيدة؛ لأن من حكم بشهادته وآخر إليه ثم رجع عن شهادته نفذ الحكم وغرم الراجع عن شهادته نصف قيمة ما حكم به لو بقي شاهدان سواه لم يغرم شيئًان ولو ثبت عليه سخطه حال لم يغرم شيئًا ومضى الحكم؛ لأن الحاكم قد اجتهد بقول أهل العلم، فكيف وليس فيما قاله ابن مسرور وابن رومان ما يوجب على سعيدة شيئًا. قاله ابن لبابة، وعبيد الله بن يحيى، ومحمد بن وليد.
وقال أيوب بن سليمان: أعلم لمن علمه ولا يقضي عليه لمن جهله، والشهود لرضوان قد أثبتوا دار سعيدة، وأنها بقبلي دار رضوان، وأثبتوا دار رضوان أنها بجوفي التي بجوفيها فلا نفع لسعيدة في هذا، لأن شهودها لم يشهدوا لمن الدار التي بجوفي دارها التي