من ذلك: محتسب نبه على سوء عمل الخرازين فتألبوا عليه بعد ذلك وأرادوا إحراجه من سوقهم ومنعه من التصرف فيه، وأظهروا عقدًا هم وإضراره بهم وتسلطه عليهم، وأنه أهل أن يخرج من السوق وشاور الوزير صاحب الأحكام ابن الليث - في ذلك - الفقهاء هل يباح لهم ذلك ويسمح بهم منهم فيه؟
فأفتى ابن عتاب: أنه لا سبيل لهم اليه، ولا يباح لهم القيام عليه ولا يسمع منهم فيه، والمعترض له أولى منه بالإخراج من السوق، وأن تخرق أعمالهم الفاسدة لغشهم بها واستحلالهم أموال المسلمون فيها.
وأفتى من القطان: ما قاله الفقيه ابو عبد الله أكرمه الله صحيح وبمثله أقول، فاعتمد عليه وأنفذ الحكم به إن شاء الله.
وكان الذي رفع ذلك الرافع عنهم ونقم منهم سوء خرازتهم وتشكي الناس: أن ما اشترى من عملهم ينحل سريعًا في أقرب وقت وشاهدت الحكم بشق بالسكين خفًا جديدًا عن عملهم بعد الفتوى بما ذكرنا، وكان ابن القطان قد أفتي قبل ذلك في الملاحم الرديئة النسخ بالإحراق بالنار، وأفتى ابن عتاب فيها بتقطيعها حرقًا وإعطائها إلى المساكين اذا تقدم إلى المستعملين فلم ينتهوا، وكان يقم في الملاحم سعتها وخفة نسجها وألفا سريعة البلى لذلك، قصيرة مدة الانتفاع بها.
وأفتى ابن عتاب في الحيز المغشوش والناقص: أن يكسر ويتصدق به على المساكين وأنكر ابن القطان ذلك، وقال: لا يحل ذلك في مال مسلم بغير إذنه وإنما يؤدب فاعل ذلك بالإخراج من السوق.
قال القاضي:
وهذا اضطراب من جوابه وتناقض في قوله؛ لأن قوله في الملاحم بإحراقها بالنار أشد من إعطاء هذا الخبز المساكين، وابن عتاب أضبط لأصله في ذلك وأتبع لقوله.
ومن الحجة لابن القطان في قوله هذا: قول مالك في سماع أشهب وابن نافع، وقد سئل عن إفراغ صاحب السوق البن اذا مزج بماء وإنهابه متاع أصحاب السوق اذا خلفوا أمره، فقال مالك: لا يحل ذلك ولا يبغي أن ينهب مال أحد، ولا يحل ذلك في الإسلام، ولا يحل ذنب من الذنوب مال الإنسان، ما يحل ماله وإن قتل نفسًا وأرى أن يضرب من