في الموطأ: مالك عن جفعر بن محمد عن أبيه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قضى باليمن [ب - ١٩ مع) مع الشاهد. هكذا هو مرسل عند جميع رواه الموطأ، ومالك وأصحابه يقولون بالمرسل كقولهم بالمسند، وهو عندهم أصل يرجع إليه ويعول عليه، وهو مذهب الصحابة والتابعين رضي الله عنهم، وقد أسند هذا الحديث ثقات: منهم عبيد الله بن عمر وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي وغيرهما عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر عن النبي (صلى الله عليه وسلم).
وقد رو عن ابن عباس أن سول الله (صلى الله عليه وسلم) قضى باليمين مع الشاهد، وهو حديث صحيح رواه ثقات وخرجه مسلم، وروي أيضًا من حديث أبي هريرة وغيره.
وفي الواضحة: قال ابن حبيب: حدثنا مطرف وابن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قضى باليمين مع الشاهد. وقد ذكره إسماعيل بن إسحاق القاضي وأدخله سحنون في المدونة، وهو إسناد صحيح.
وروي عن جماعة من الصحابة أنهم قضوا به، ولم يرو عن أحد منهم أنه أنكمره، وبه قال الفقهاء السبعة وغيرهم من أهل المدينة، ولم يختلف فيه عن مالك وأصحابه، واليه القائلون باليمين مع الشاهد، من الحجازيين وغيرهم، أنه لايقضي به إلا في الأموال: الديون وغيرها. وقاله عمرو بن دينار، وهو روى حديث ابن عباس، عن الني (صلى الله عليه وسلم) في ذلك، وقال ابن حبيب عن مالك: يجوز اليمين مع الشاهد في الحقوق والجراجات؛ عمدها وخطئها، وفي المشاتمة، ما عدا الحدود، من الفرية ولاسرقة والشرب والطلاق، قالك وروى أصبغ بن الفرج عن ابن وهب عن أبي الزناد عن أبيه أن عمر ابن عبد العزيز كاني قضي به في المشاتمة وفي الجراح العمل والخطأ، ولا يجيزه في الفرية والطلاق والعتاق وأشباهه.
وفي المدونة من قتل عبده عمدًا أو خطأ وأتى بشاهد واحد، حلف معه يمينًا واحدة واستحق العبد القاتل، ولا يقتله. وكذلك من شهد له شاهد واحد بسرقة حلف معه، واستحق ما سرق له ولم يقطع السارق. وكل جرح لا قصاص فيه، كالمأمومة والجائفة، فهو ما لا يجوز فيه شاهد واحد ويمين. وكل جرح فيه قصاص فإنه يقتص منه بشاهد ويمين المجروح فإن نكل المجروح عن اليمين، حلف الجارح وبرئ؛ فإن نكل، حبس حتى يحلف. قال ابن أبي زمنين: وفي رواية عيسى: إن نكل اقتص منه.