[باب في مسائل أداء الشهادات، ونقلها، والإشهاد عليها، والشهادة على الخط، ومن سأل أن يدفع له نسخ ما يشهد به عليه، أو سأل القاضي أن يعطيه المشورة التي شاور بها]
قال محمد بن عبد الحكم في كتابه: إذا شهد شاهدان أن لفلان على فلان مائة دينار ولم يقولا: أقر بذلك، ولا غيره، إنما أطلقا الشهادة هكذا، لم أر شهادتهما تحقق شيئًا لن شهادتهما كأنهما حاكيان حتى يبينا ذلك فيقولا: أسلفه، أو أقر عندنا، أو ما يثبتان به ما شهدا فيه قد يجد من الناس من يحل يبيع النبيذ المسكر ويجعل له ثمنا أو غير ذلك.
ولو قالا: نشهد أن له عليه مائة دينار من ثمن سلعة اشتراها منه لم أقبل ذلك ولم ألزمه الشيء حتى قولا: وقبض السلعة.
وكذلك لو قالا: باعه سلعة بمائة دينار لم يقض بذلك عليه؛ لأنه ليس في شهادتهما ما يوجب أنه بقض لسلع.
وفي كتاب إن خرجت من هذا الدار في أمتى قرئ عليه كتابٌ فقال: اشهدوا علي بما فيه. وهو لا يصف شيئًا مما فيه حتى يقرأ عليه.
قال ابن القاسم: شهادته جائزة، وليس كل الناس يسوق ما أشهد عليه، وإن كان يكبت حتى يقرأ الكتاب، فإذا أقرته عرف شهادته وحفظها. فإن كان عدولا وأثبت ما أشهد عليه جازت شهادته.
وقال سحنون: من رأى خطه في الكتاب لا يشك فيه ولا يذكر كل ما فيه، فقد اختلف أصحابنا في ذلك. والذي أقول به: أنه إذا لم يرى في الكتاب محوًا، ولا لحقًا، ولا شيئًا ينكره ورآه خطًا وحدًا فأرى له أن يشهد بما فيه ويقول: شهد بما فيه، ولا يستطيع أحد أن يذكر جميع ما في الكتاب. وكذلك إن لم يذكر من الكتاب شيئًا إلا أنه عرف خط الشهادة ولم يشك أنه بيده.
وفي سماع أبي زيد: قلت لابن القاسم: كنت قاعدًا عند ضمام فجائني رجل فأشهدني على شهادة ضمام، فكتب شهادتي. ثم جاءني الرجل بعد حين بكتاب فيه شهادتي، وعرفت خطي، وأثبت أن ضمامًا أشهدني على شهادته في أمر دار، أذكر ذلك، غير أني