قال بعض المتأخرين: فرائض النكاح ثلاث: الولي والصداق وشاهدًا عدل، وسنة ثلاث: إظهاره والوليمة والدخلة. والنكاح مندوب إليه لمن قوى عليه، ولا يكون إلا بولي ذكر، وصداق ولا حد أكثره، وأقله محدود وهو ربع دينار ذهب، أو ثلاثة دراهم كيلا، أو ما قيمة أحدهما، ولا يبني بها حتى يقدمه إذا كان هذا المقدار، فإن كان أكثر وقدم منه هذا المقدار جاز البناء.
وإن اختلف الزوجان فيه قبل البناء، تحالفًا وتفاسخًا وبدئت المرأة باليمين كالبائع كان الاختلاف في عدده أو نوعه، وإن كان الاختلاف في عدده، وإن كان في نوعه تحالفًا وكان لها صداق مثلها، وقيل غير هذا.
وفي أحكام ابن زياد في الدعوى في نكاح: قام عندي - وفقك الله - رجل ذكر أن رجلاً أنكحه أخته وعقد له عليها، ثم أنكره ذلك، ونزع إلى أن الجارية راضية وأن الأخر برجوعه عاضل، فالذي نراه امتحان الجارية بمن يعرفها.
فإذا قالت: قد رضيت به زوجًا، وبما بذل لها صداقًا، وثبتت الكفاءة في حالة ومالله، وقف الولي على العقد، أو إقامة الحجة في إباءته التي أوجبت التوقف، فإن لم يأت بذلك وثبت العضل وكل القاضي من يزوجها. قاله محمد بن غالب، ومحمد بن وليد، وأحمد بن بيطي، وعبيد الله بن يحيى، وسعد بن معاذ.
قال القاضي أبو الأصبغ: الصواب عندي - والله أعلم - أن يوقف الأخ أولاً على ما ذكره الزوج، فإن وافقه على الامتناع من العقد عليها، كشف عن وجه إقائته، فإن ذلك ما يوجبه وبأن صوابه؛ تركه وذلك، وإن كذبه في الامتناع وقالك نعقد له؛ تركه أيضًا وذلك.
وإن امتنع من العقد عليها، ولم يأت بوجه يبين في امتناعه صوابه، كان حينئذ ما قالوه من ثبوت رضاها، والكفاءة، وأنها خلو من زوج، وفي غير عدة منه، ووكل القضاي من ينكحها منه، والله الموفق للصواب.
وفي سماع ابن القاسم في كتاب البر: سئل مالك عن جارية بنت عشر سنين، زوجها أخوها وأمها وابن عم لها، فأقام الزوج معهم يحوز مال زوجته ويقوم فيه، ثم ماتت الأم، فطلب الزوج الدخول بالجارية، فقال الأخ: لا زوجة لك، لم تكن أختي