للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اجتمعت عليها الشهادات، فالدار الجوفية من دار سعيدة ماضية رضوان على ما عرفه فوقه، ولم تزدها البينة التي جاءت بها قليلا ولا كثرة على ما شهدت به البينة الأولى، وأما شهادة سعيدة فماضية إذ قد وقع الحكم بها والله الموفق للصواب.

قال القاضي:

أكثر كلامهم حشو لا يفيد علمًا ولا يزيد فهمًا، وما زاده أبو صالح أيوب بن سليمان منثور المعاني، وحشي المساق وركيك الألفاظ، بعيد عن البيان أشبه بالهذيان، كقوله: ولا يوقف الحكم ولا ينقض منه حرف فما فوقه، ما الذي أدخل الحرف في الحكم؟ والحروف إنما تضاف إلى الكلام لا إلى الأحكام، ولو قال: لا ينقض منه فصل، ولا يختل منه معنى، لكان بمراده أليق وبمقصده ألصق وأكد تلك الهجنة بقوله: فما فوقه وهذا من فخار قوله، ولم تزدها البينة التي جاءت بها قليلا ولا كثيرًا، ولو قال: لم تزدها بيانًا ولا أوجبت لها حقًا لكان أشبه.

وأعادوا الحد الجوفي عارًا من معنى وخير أعرى من جوف العين، وقالوا في الراجع من الشاهدين عن شهادته بعد الحكم بها: يغرم نصف قيمة ما شهدا به قولا مجملا ولم يبنوا هل أقر في رجوعه بتعمد الزور أم ادعى التشبيه والغلط؟، وهو موضع تنازع إن قال: نسيت أوش به علي ونحوه، فأكثر أصحاب مالك يقولون: لا غرم عليه وهو قول ابن الماجشون، وقال: هذا قول جميع أصحابنا بالمدينة؛ المغيرة وابن دينار وابن أبي حازم وغيرهم.

قال: قال ابن حبيب: وبه أقول، وهو أقيس، وروي عيسى عن ابن القاسم نحوه، وكذلك عنه في الموازية، وذكره ابن حبيب. وعن مطرف وأشهب وأسبغ أنه يغرم ما أتلف بشهادته، قال: تعمدت أو شبه علي، وهو ظاهر ما في كتاب السرقة من المختلطة.

وقولهم: يغرم نصف قيمة ما شهدا به، وهو كلام غير محصل، لأنهما قد يشهدان يما فيه المثل عن عين أو مكيل أو موزون، فإنما يغرم حينئذ المثل، ومسائل الرجوع عن الشهادة كثيرة متفرعة؛ في الدماء، والنكاح، والطلاق، وغير ذلك، واسيعابها في الواضحة، والموازية، وكتاب ابن سحنون وغيرها، والذي في المدونة منها يسير، في الأقضية، والعتق، والرجم، والسرقة.

وقولهم: إذا ثبت على الشاهد سخطه بعد الحكم بشهادته مضى الحكم ولا شيء

<<  <   >  >>