أن عرف الشهود فيه الإكراه والإخافة أو التوقع فيكون له ذلك. قال: وإن استرعى في العتق أنه متى عقد لملوكه فكان عتقًا بتلاً أو مؤجلاً، فإنه إنما يفعله لتخلقه عيه مسترضيًا له، مستجلبًا لاستقامته، فيفسخ العتق بهذا الاسترعاء، وإن لم يعرف الشهود التخلق الذي ذكره.
والأصل في ذلك ما في سماع ابن القاسم فيمن فر عبده إلى العدو، وغزى المسلمون تلك الدار، فرآه سيده فقال له: أخرج إلي وأنت حر، فإن كان قد قال ذلك لشهود قبل أن يقول هذا للعبد أنه إنما يفعله استجلابًا له؛ نفعه وإلا فهو حر ولا يصدق في قوله، فإن قيد الاسترعاء في العتق نفع؛ لأن سببه ظاهر معروف وهو فراره إلى العدو، والحبس بخلافه، لأن السبب فيه لا يعرف فالجواب: إن من المحال أن يلزم ما قد أشهد على نفسه أنه لا يلزمه متى فعله وقد أجمع عليه الشيوخ.
وفي أحكام ابن زياد في امرأة ادعت الحرية:
كشفتنا - وفقك الله - في امرأة ألفيت بيد رجل فادعت أنها حرة من موضع سمته بجيان وإن متغلبًا في ذلك الجانب أغار عليهم فسباها فيمن سبي وهي حرة، وذكر الذي ألفيت بيده أنه ابتاعها في ذلك الجانب الذي زعمت أنها من أهله، فالذي نقول به في ذلك: أن يكون إثبات الرق على من ادعاه لتصديقه إياها على ذلك الناحية التي ادعتها، وللذي فشى من فساد تلك الناحية، وقد قال سحنون بهذا، وقد قال ربيعة: تحدث للناس أقضية لما يحدثون، فنرى أن تؤجله، فإن أتى بما يحق رقها لمن باعها بأصل حق ثبت له وإن لم يأت بشيء من ذلك أطلقها حرة إن شاء الله. قال محمد ابن وليد، وقال بذلك يحيى بن عبدالعزيز، إلا أن فيه اختلافًا؛ لأنها قد أقرت بالرق فعليها البينة.
والذي نختاره من ذلك الذي قاله المتقدم بالجواب في هذا الكتاب؛ لفساد البلد والناحية التي ابتاعها بها والذي يقول ابن لبابة: إن البينة على مدعي الحرية إذ هي في ملك الرجل ومعروفة بالرق.
ومسألة أخرى في معناها:
إذا وجب أهل العلم حمل البينة على ابن عسلون أنها ملك يده، فحملته البينة وأجلته آجالاً وسعت عليه فيها فقد كان لك أن تنظر إن شاء الله للمرأة وتطلق سبيلها بالحرية؛ لأنهم إنما رأوا البينة على ابن عسلون من قبل إقراره بابتياعها بموضع الفتنة،