للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فبعد التحالف وقبل فسخ النكاح، رضي الزوج بما ادعت المرأة، أو رضيت المرأة بما ادعى الزوج، ليس ذلك لمن أراده، ويفسخ نكاحهما، وليس ذلك كالبيوع، على مذهب ابن القاسم؛ لأن النكاح باب ينبغي فيه الحوطة، وهما - فيما وصفنا - كاللعان: بتمام التحالف يفسخ.

وكان ذلك المختصر الناقل لكلام ابن حبيب على غير ما في الأصل نحا هذا النحو، والصواب قول مالك وأصحابه؛ ما قاله ابن حبيب وأفتى به ابن لبابة وغيره، وكفى بقول مالك: أشبه شيء بالبيوع النكاح، حجة في ذلك، مع قوله وقول أصحابه - ابن القاسم وغيره - فيمن نكح بمائة نقدًا ومائة مؤخرة لم يضب لها أجل، أنه يفسخ قبل البناء، إلا أن يرضى الزوج بتعجيلها مع النقد.

وهذا يشبه ما ذهبنا إلى تبيينه، من قول ابن خبيب وصحته، وفتوى الشيوخ في رضي الزوج بالتزام النكاح، فما ادعت المرأة وأبوها بعد الإيمان، وكذلك قال أصبغ وغيره، في النكاح ينعقد بربع دينار أو أزيد وبعبد آبق، فترضى المرأة بإسقاط الضرر: أن النكاح يلزم الزوج.

ونقل هذه المسائل على نصوصها مستوعبة يطول به الكتاب، ولذلك نذكر منها ما يحصل معه التنبيه عليها، ونترك باقيها اكتفاء بالمذكور منها إن شاء الله، إلا أن قول ابن لبابة ومن وافقه: وتبقى اليمين على عبدالله أنه ما انتقد معجل صداق ابنته أسماء ولا مؤجله، لا معنى له، إذ قد حلف على ذلك في يمينه المتقدمة والله أعلم.

في نكاح تدعى أم الزوجة أنها ناظرة لها مع آخر يشركها في النظر له قام عندي - أكرمكم الله - محمد بن عبيد الله بن هاشم، فذكر أن أم الأصبغ خطبها إلى نفسه، وأصدقها سبع مائة دينار، عرض منها عرضًا، عرفته بوصف من وصفه لها بماتتي دينار، وأخر نقدها خمس مائة دينار، والكالئ سبع مائة دينار إلى خمس سنين، وشروط أخذها في كتاب أثبته عندي، وأنها رضيت به زوجًا وبما بذل لها صداقًا، وفوضت عقد نكاحها إلي، وثبت جميع ذلك عندي بشهادة ابن لبابة وغيره، وذكر الزوج أن لها وليًا، إلا أن أمها عبدة تدعي أنها وصية.

وشهد عندي أبوعبدالله بن لبابة وغيره: أنها غير مستحقة لنظر - إن كانت وصية كما ذكرت -؛ لسوء حالها، وأنها أرادت ابتياع مال لابنتها منها، وحلفت ألا تكلمها

<<  <   >  >>