كان رحمكم الله خالد قد شهد لهشيمة كما قد علمتم في حيازة، ثم أخرج نظرها عنا، ثم صرفه إلينا، فلم يعد خالد الشهادة. فقالت لي هشيمة: إني صادقة فقال لي: قولي للقاضي يبعث إلى بالحائز الثاني ويحضر الحيازة. فهل يجب علينا ما سألته أو لا حتى يأتي خالد ويشهد قرانا وفقك الله.
ما كتبت به فإن كان الأمير، أبقاه الله، قد أزال نظرك عنها إلى غيرك فنظر فلم يتم نظره حتى رد النظر إليك فهو كنظر مبتدأ، ولابد من أن يشهد عندك الشاهد على ما شهد، ثم تبعث لحيازة ما يحوز، وإن كان إنما زالت عنك ولم يزلها الأمير فشهادته الأولى تامةٌ، تبعث إليها شاهدًا ثانيًا يحوز معه، ثم تأتي بالحيازة فيشهد عندك. قاله ابن لبابة وغيره.
شهد شاهد بالملك وموت المالك وشهد آخر بعدة الورثة: كان أهل طليطلة يكتبون عقد الملك في هذا إذا لم يعرف شهوده الورثة: شهد من يتسمى في هذا الكتاب أنهم يعرفون الدار والأرض التي بموضع كذا أو حدها كذا ملكا لفلان بن فلان لم يفوت شيئا منها بوجه من الوجوه في علمهم إلى أن توفى، وأورث ذلك ورثته ذلك في غير ذلك الكتاب.
فأنكرته عليهم وكتبت بذلك إلى شيوخنا في قرطبة في سنة ست وخمسين وأربعمائة هل العقد هكذا صحيح والملك موصول وهم لا يعرفون الورثة إنما شهد بعدتهم غيرهم؟
فكتب إلى أبو عبد الله بن عتاب: إذا لم يعلم شهود الملك الورثة فكيف تسوغ لهم الشهادة بقولهم: وأورث ذلك ورثته ذلك في غير هذا الكتاب؟ هذا محال وحسبهم أن ينتهوا بالشهادة إلى أن توفي وأورثت ورثته فقط. فإن وجد من يشهد لورثته بالسماع فذلك زيادة بيان.
وإن لم يوجد من يشهد بغير ما تقدم - أعني: إلى أن توفي وأورثه ورثته فقد كان يختلف في الجواب فيها فيما أحسب.
والذي أقوله والله أعلم بحقيقة الصواب: إنها شهادة عاملة موجبة للحكم والمسألة التي شهد فيها ابن أيمن فوق هذا من الأصل وجواب أبو عمر أحمد بن محمد بن القطان: الشهادة تامة ولا يضرهما جهل الشهود بعدة الورثة إذا شهد بذلك غيرهم.