واحتج بما في سماع ابن القاسم عن مالك: فيمن له على رجل حق، فقال لغريمه: إن لم يقبض صدرًا من حقي يوم كذا وكذا؛ فعلي المشي إلى بيت الله إن لم ألزمك بحقي كله، قال مالك: إن الصدر ثلثا، ولو قيل النصف، لكان قولا، ولكن الثلثين أحب إلي، إلا أن يكون حين حلف قد أجمع على شيء من أمره؛ فهو على ما أجمع.
وسألت ابن مالك عن ذلك فقال: اليمين يتقي فيها دخول الحنث؛ إن لم يستوف ما حلف عليه، وذهب إلى أن الصدر في العقد أقل من ذلك، وهو الأشبه فيه عندي أن يكون ثلث الشهر أو ما قارب منه، وقد قال ابن حبيب فيمن حلف ليرضين غريمه إلى أجل سماه، فلما حل الأجل أحاله به على غريمه، أو أعطاه به عرضًا، أو رهنًا، أو قضاه منه صدرًا مثل الثلث فما فوقه، أو جميلا أو أرضاه بذلك كله، بره. قاله مالك.
ورواه ابن وهب وغيره، وقاله ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك، لم أعلمهم اختلفوا فيه، فقد أطلق في هذه المسألة صدر على الثلث فأزيد، والله أعلم بالصواب.
بيع أنقاض الحصاد المبنية في أفنية السلطان وفي الأرض المحبسة:
في كتاب الشفعة من المختلطة: من أذن لرجلين أن يبنيا عرضة له فبنياها، فباع أحدهما حصته من النقض؛ فلشريكه الشفعة فيه؛ إن لم يرد رب البقعة أخذه بالقيمة، وفي غيرها عن أشهب وسحنون: أن بيعه لا يجوز؛ لأن رب العرصة له أخذه، فتارة يشتريه بناء، وتارة نقضًا.
وسئل مالك عن قوم حبست عليهم دار، فبنوا فيها، ثم مات أحدهم، فأراد بعض ورثته أن يبيع نصيبه من ذلك البنيان، هل لإخوته شفعة؟ فقال: إذا نزل مثل هذا؛ فلهم فيه الشفعة. قال ابن عبدوس: قال سحنون: هو يقول ما بني في المحبس فليس له أخذه، ولا بيعه، ويكون محبسًا، قيل له: فلعله أراد حبس عمري، قال: فبيع النقض إذاً لا يجوز، وينقض، ولا شفعة فيه؛ لأنه بيع فاسد، وهو قول أشهب. وقال: لا يجوز بيعه إلا لضرورة في دين وشبهه فيجوز، وقال: هو كالشريك يبيع حصته من العبد بعد عتق شريكه، فلذلك غير جائز.
وفي العتبة، في سماع أشهب عن مالك، فيمن ابتاع قصبًا وأبوابًا وكل بنيان في الدار، إلا أن البقعة قطيعة من أمير المؤمنين، على أن أتباعه في كل ما اشترى على البائع إلا