وذهب إلى أن ذلك جائز إذا اشترط أنه بقلعه، قال له ابن دحون: فلو أوصى رجل ببيع نقض حانوت له في هذه المواضع، وأن يفرق ثمنه على المساكين فقال القاضي: أما أنا فما كنت أبيعه، وإذا نزل في مثل هذا، لم أعقد البيع فيه، وقلت لموصي أذهب عني وافعل ما ظهر لك، فيتولى الوصي بيعه، فأفتى بقرطبة ابن عتاب وابن القطان وابن مالك: بنقض بيع الأنقاض المقامة في الأرض المحبسة، وإن كتب في العقد أنه إنما ابتاعها ليهدمها وينقضها، وأنه يعرف قدر المؤنة في قلها ونقضها.
قال القاضي:
وشاهدت الحكم في ذلك بقولهم: هذا إذا كان المعروف من فعلهم إبقاء الأنقاض في مواضعها، وإن اشترطوا قلعها، فقال لي ابن عتاب: فإن فات ذلك بهدم المشتري الأنقاض وقلعها؛ مضى البيع فيها بالثمن ولم يفسخ ولا رد إلى قيمته. وقال ابن مالك مثله، وصوبه إذا أعلمته به، وقال: لأنه إنما فسخ لاتهامها بإضمار إبقائها، إذا هو المتعارف من فعلهم، فإذا هدما ونقضها؛ ارتفعت التهمة عنهما، وصدق فعلهما قولهما، ووجب إمضاء البيع بينهما إن شاء الله عز وجل.
قال القاضي:
وهذه مسألة قد جمعت مفترقها، ونظمت مشتبهها، وذكرت قول مالك ومن بعده فيها؛ واجتمع من ذلك؛ أن ما تضمنته المدونة منها لم يجر به عمل، ولا أفتى به المتأخرون، والصحيح فيها ما ذهب إليه سحنون وأشهب، وما احتال به المتأخرون من ابتياعه بشرط القلع؛ غير سالم من الاعتراض، إذ لرب البقعة أخذ النقض بقيمته مقلوعًا، ومنع مشتريه من قلعه.
وقد أشار أبو عبد الله بن أبي زمنين إلى السلامة من هذا في وثائقه، فذكر فيمن أعار رجلا بقعة ليبني فيها، فبنى المعار فيها بنيانا، ثم أراد بيعه من غير صاحب؛ أنه جائز عند ابن القاسم؛ ثم لرب البقعة أن يعطي المشتري الأقل من قيمة نقضه، أو الثمن الذي اشتراه به، قال: وقد ذهب غير ابن القاسم إلى أن ذلك غير جائز إلا أن يباع في دين لحق صاحب النقض، فيجوز حينئذ لضرورة الدين.
قال: فإن بيع في دين، لفوجهه عقد الوثيقة في ذلك أن تقول: اشترى فلان من فلان جميع النقض والبنيان الذي بناه في بقعة، الحانوت الذي بموضع كذا، وحدوده كذا، وكان