للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجاوب ابن عتاب حين سئل عنه:

تصفحت هذا العقد وتأملته، إذا رغبت ذلك، وهو عقد صحيح وقراض جائز، لا علة فيه تبطله، ولا شبهة توهنه، قد أحكم عقده وأبرم أمره على مسألة لابن القاسم وقعت في المستخرجة وغيرها، لا تعلم مسألة تعارضها ولا قولا لأحد من أصحاب مالك يخالف قوله فيها فصار ذلك كالإجماع منهم عليها، وهي منصوصة غير محتملة لوجوه التأويل مكشوفة في هذا المعنى مشهورة عند أهل العناية بهذا البيان، وهي: قال ابن القاسم في رجل دفع إلى رجلين قراضاً فاختلف في المال عند من يكون نظر في ذلك إلى قول صاحب المال فأتبع قوله، فإن اختلفا في الاشتراء واليبع فرأى هذا الاشتراء أو البيع وقال: هذا لا أراه فلابد لهما أن يجتمعا وإلا رد المال وهذا ما لم يقبض المال فإذا قبض فهو إلى من دفعه ربه عند مقارضتهما إن كان دفعه إليهما جميعًا فجميعًا، وإن كان أحدهما؛ فأحدهما، وليس للآخر بعد كلام ولا مقال إذا كان يعلمه.

فتأمل-رحمك الله- نص هذا القول، ونص العقد فإنك لا تجد في أحدهما خلافًا للآخر، والله عز وجل أسأله أن يسلك بنا سبيل الإنصاف، ويوفقنا لما يقرب من رحمته.

اكترى دارًا لعشر سنين بدنانير نقدها معلومة ثم أراد ابتياع الدار بعد مضى أمد الكراء، وكتب إلى أبي بكر بن عبد الرحمن وإلى أبي عمران القاسي، اللذين كانا بالقيروان، فيمن اكترى دارًا من رجل لعشر سنين بعدد معلوم دفعه إليه، وسكن الدار شهرًا أو سنة ثم أراد شراءها من ربها أيجوز له ذها؟ بخلاف شراء غيره لها وقد علمت ما في هذا من الاختلاف من قول ابن شهاب وغيره من مخالف مالك، وكيف إن اشتراها المكتري بعد عقد الكراء، ثم انهدمت بعد أمد يسير، ممن مصيبتها وقد انهدمت في مدة الكراء؟ وكيف إن استحقت ثم يرجع المبتاع أبالكراء أم بثمن الشراء أم يرجع بالكراء ولا بثمن الشراء أم يصير الكراء وثمن الشراء شيئًا واحدًا ثمنًا للدار؟

فبين لنا ذلك كله فإن لابن المواز في هذا الأصل بعض ما كتبت به إليك عرفنا بما نراه موفقًا إن شاء الله.

فأفتى أبو بكر:

الجواب أن شراء المكتري لها عندي جائز وهو فسخ لما تقدم من الكراء، ولو قال:

<<  <   >  >>