تبايعهما هذه المبيعة، فإن أقرا بها وبصغرها، وأن هذه القائمة في أمرها أمها؛ أمرهما بإحضارها، فإن حضرت قيل للمبتاع: لا يفرق بينها وبين أمها ولتكن في مسكن مع أمها، فإن التزم ذلك مضى بيعهما، وإن أبى من ذلك وقال: لا ألتزم هذا، نقض البيع فيها، لأنه كعيب أصابة فيها لم يتبرأ البائع منه إليه، ولأنه فيه تكليف المشتري مؤنة لم يلتزمها لا سيما إن كان لا يعلم بأن لها أمًا.
وإن قال مبتاعها: قد فوتها بالبيع وقد أخرجها مشتريها إلى موضع كذا، لم يصدق في ذلك، واشتد القاضي عليه في إحاضرها بالتوكيل عليه في ذلك، فإن لم يكن يقدر عليها، أو ثبت ما زعمه من نهوض مبتاعها بها عن ذلك البلد إلى غيره أو أقرت أمها بما ذلك من حملها إلى بلدة سواها نفذ بيعها، وزال التكليف عن بائعها، وقيل للأم أخرجي إن شئت إليها، ويكتب لك القاضي إلى قاضي موضع استقرارها بما ثبت عنده من أنك أمها وإن يحملك على مبتاعها على ما يجب لكل من زيارتها وتفقدها والتكرر عليه، وهو معنى قول محمد بن عبد الحكم: ولا أرى أن يكلف بائعها الخروج لاسترجاعها في هذا الوجه إذ أمها حرة تسير حيث شاءت وتقيم أين أحبت، فإن تركت الخروج لطلب ذلك فهي تاركة لحقها لا تكلف غير طلبه لها.
وفي سماع عيسى بن دينار:
قال مالك في العبد: يرد بالزوجة والولد والوالدين، وفي الواضحة: يرد الأبوين، فإذا كان الأبوان - يريد أو أحدهما - عيبًا يرد به العبد، فكذلك الأمة كانت صغيرة أو كبيرة والله أعلم.
ويجب إذا ألحقت الأم بموضع الابنة إن لم يرد مبتاعها إمساكها لظهور الأم لها، وكان لم يعم بها أن يمكن في يردها على بائعها، وهذه حقيقة الحكم ووجهه في هذه المسألة أن شاء الله عز وجل، وهو الموفق للصواب برحمته.