والتجربة أصل في كل فن، ومعنى مفتقر إليه في العلم. ثم أني رأيت الآن ضم تلك النوازل إلى نظام وجمع تلك المسائل إلى ترسيم والتئام وجمع أشكالها بعضها إلى بعض لتكون فائدتها أمكن وأيسر ومنفعتها أقرب وأيسر وأكثر، وإن كان الذهن كليلاً والنشاط قليلاً والجسم عليلا مما أطلنا مما يشيب الوليد ويذهب الرأي السديد من بلايا ومحن تتوالى إلى الله منها المفزع والشكوى وهو حسبنا وكفى، ولكن رجوت باشتغالي بهذا بعض السكن في أوان يكون فيه الأنس للنفس، وربما ألفت إلى ذلك في شكله وجمعت معه من فرعه وأصله مما يكمل به المعنى وتكون به الفائدة معه أقوى لو لم يفد إلا معرفة نهج الكلام وسنن الكلام والحكام في مشاورة الفقهاء وكيفية المعتاد في ذلك بينهم بقرطبة حيث كان جمهور العلماء والقدوة هم والوقوف على هيبة فتوى المغنين لهم لكان أكبر مستفادًا لمن طلب في تعلمه الازدياد، لأنها طريقة لا تؤخذ إلا عنهم ولا توجد بالإتقان الذي هي عليه إلا عندهم فكيف وقد ظننته مسائل لا توجد إلا فيه ومعانين لا غنى للمستبصر فيها عنه، ولم أخله من رواية تكون حجة، ولا من تنبيه على نكتة أو غفلة بحسب الإمكان، ومعونة الرحمن الذي كل شيء بيده وهو المتفضل بتوفيقه وتسديده والمتطول بأن يجعله لوجهه وفي سبيله لا الله غيره ولا رب سواه ولا حول ولا قوة إلا به وهو حسبنا ونعم الوكيل وكان ابتدائي به يوم السبت لعشر خلون من المحرم سنة اثنين وسبعين وأربع مائة.