وتكلمت مع ابن عتاب في جوابه أن ذلك البنيان غير مفيت لها، فاحتج بالتي في كتاب الشفعة فيمن ابتاعا دراً ابتياعًا فسادًا لم يفتها حوالة سوق ولا تغير بناء.
قال بن القاسم: وإنما اعرف الفوت فيها الهدم أو يكون المشتري قد بني فيها بنيان البيوت والقصور فهذا فوت أيضًا؛ فلم ير البناء اليسير فوتًا حتى يكون قصورًا أو بيوتًا.
ولما ذكره ابن القاسم هنا نظائر في الواضحة والعتبية فتأملها هناك.
مقدار العيوب التي ترد بها الدور وغيرها:
اعلم أن عيوبها تنقسم ثلاث أقسام:
قسم لا ترد به الدار، ولا يرجع المبتاع من أجله بشيء ليسارته.
والثاني: عيب لا ترد به الدار، لكنه يرجع على البائع بقيمة العيب، كصدع الحائط ونحوه.
والثالث: ما ترد به الدار، كالعيب الكبير وما يخشى منه سقوطها أو سقوط الحائط من الصداع الذي فيه وسألت أبا عبد الله بن عتاب عما يحط ربع قيمتها؛ هل هو عيب يسير أو كثير. فقال لي: بل هو كثير ترد به. قلت: له: فإن كان ماء بئرها زعافًا، أو مرًا؛ هل ترد بذلك.
فقال لي: هو عيب ترد به الدار إذا لم يكن مستجازًا لمرارته غير مشروب ولا شريب. قلت له: فإن كان طي البئر قد تهيأ للانكفاء لتعفن المائدة التي يقوم الطي عليها، ولا يوجد إلى إصلاحه سبيل إلا بنقض الطي كله؟
فقال: هو عيب ترد به إذ لا يقوم إلا بمؤنة ونفقة وفي طول مدة، مع أنه لا يؤمن انكفاء جوانبها عند نقض طيها، وربما تضعضع بعض بنيان الدار لذلك إن كان الدار صغيرة، أو كانت البئر من بعض جدرانها قريبة، وللمبتاع أن يحتج بأن هذه مؤنة لا صبر عليها واستئناف مشقة لا تتكلف.
قلت له: فإن قدر أهل المعرفة والبصر بذلك؛ لأن النفقة في ذلك تنتهي عشرين مثقالا قرمونية أو نحوها؟ فقال: لا يلتفت هذا ولا يصغي إلى قولهم فيه.
وأفتى ابن القطان:
إن كانت قيمة عيب الدار المثقالين أو نحوهما؛ فهو عيب يسير لا ترد به ويرجع المبتاع بذلك على البائع، وإن كانت قيمة العيب عشرة مثاقيل فأزيد فله الرد للدار وأخذ