في السوق من معاش الناس وحوائجهم، واختلف متبايعاه في قبض الثمن؛ فالقول قول البائع ما لم يفترقا مع يمينه.
فإن تفرقا وفاز المبتاع بما ابتاع من ذلك؛ فالقول قوله مع يمينه، ولا قول للبائع، وإن جاء يطلب الثمن من يومه، وكذلك الصرف.
ولمالك في سماع أشهب وابن نافع في جامع البيوع مثل ذلك أن القول قول البائع مع يمينه أنه لم يقبض الثمن، وإن قبض المبتاع الطعام، ما لم يفارقه.
ولابن القاسم في كتاب ابن المواز: القول قول المبتاع إذا كان قد قبض ما ابتاع، وإن لم يفارق البائع.
قال أصبغ في كتاب المجالس: وهذا في يسير الطعام، مما وجهه المناقدة، وأما الحمل الكبير وما تعظم فيه الصفقة فليس من ذلك، وهذا لا يبرأ منه المشتري إن ادعى ثمنه وهو كالعروض والأرض والدواب والبزوز - قال: وما دق من بياعات الناس في الأسواق؛ كالسوط، والمهامز، والشراك، والنعال، والخف، وسبيله المناقدة؛ فهو كالأطعمة المصارفة.
وقال يحيى بن يحيى عن ابن القاسم: القول قول المشتري في الطعام وإن كثر إذا كان قد بان به. وأباه يحيى بن يحيى وقال: إنما هذا فيما قل.
قال ابن حبيب: والقول قول البائع في الرقيق والدواب والدور الرباع والعقار وشبهها، وإن تفرقا ما لم يطل السنة والسنتين ونحوه، فيكون القول قول المبتاع لأنه قد دفع، لأن هذه الأشياء ليس لها أصل في التبايع على الدين والتقاضي، ولو كان ذلك بزًا وتجارات مما يتبايع على التقاضي وإلى الآجال فيصدق البائع أنه لم يتقاض مع يمنه إذا لم يطل سكوته جدًا العشري سنين أو أقل منها، وما لا يجري بين الناس التبايع إلى مثله من الآجال فيصدق المبتاع مع يمينه أنه قد قضاه.
وهذا أوضح لي مطرف وابن الماجشون وأخبراني أنه قول مالك لهما، وغير مالك من علماء المدينة لا يعلمان غيره. قال: ولم يكن ابن القاسم يميزه هذا التمييز؛ كان يجعل ما عدا الحنطة والزيت، في الدور والعقار بمنزلة البت والتجارات؛ القول فيه أبدًا قول البائع، ولو بعد عشرين سنة حتى يجوز الوقت الذي لا يجوز التبايع إليه، وهو قول شاذ غير مضبوط ولا متبوع. والأول أحب إلي.