للقاضي أنه لا مال له فيطلقه ويحلفه بالله، على ما تقدمت به الفتيا قبلي ولا حمالة له هنا، إنما يقضي عليه السلطان بالحق معجلا، ثم إن شاء صاحب الحق أن يؤخره أخره، فإن تورك عن أدائه إيه إذا أراد أخذه منه؛ حبسه له السلطان حتى يوفي أو يموت في الحبس. هذا الذي نقول به، والله الموفق للصواب والهادي إليه. وقاله عبيد الله بن يحيى، ومحمد بن وليد، وأيوب بن سليمان، ومحمد بن لبابة، وغيرهم.
قال القاضي:
في أول كتاب المديان من المدونة قال مالك: لا يحبس الحر ولا العبد في الدين، إلا إن حبسه ليستبرئ أمره، قدر ما يتلوم من اختباره ومعرفة ماله، أو يأخذ عليه حميلاً، وهذا خلاف ما تقدم من جوابهم: سجن ابن حامد حتى يثبت من السجن عدمه.
وسئل سحنون عمن وجب عليه دين فسأل أن يؤخر يومًا أو نحوه، قال: يؤخر ويعطي حميلاً بالمال، فإن لم يحد حميًا بالمال إلى يوم، ولا وجد المال؛ سحن وهذا خلاف قولهم أيضًا: إن أبي من غرمه معجلاً؛ أمرت بسجنه حتى يغرمه.
واحتجاجهم بقول مالك في موطأ ابن وهب غير موضعه؛ لأن ظاهر قول مال فيه أنه هو في مليء؛ لأنه قال عن الغريم: هو موسر للقضاء، فلا يقضي، وليس في مسألة ابن حامد مثل ذلك.
وكذلك قول سحنون الذي ذكروه في الذي يقول: أنا فقير، وظاهره بخلاف قوله ودعواه – لا يطابق مسألتهم؛ إذ ليس فيها ادعاء فقر، وما ذكرناه عن سحنون في إعطاء الحميل بالمال وتأخيره به اليوم أولى بمسألتهم، وبه جرى العمل والفتيا من شيوخنا ومنا.
وقد ذكرنا ذلك عنهم في باب العيوب، وهو قول مالك في تأخير المطلوب بما يطلب به؛ لينظر فيه.
قال في كتاب الشفعة من المختلطة، في الشفيع يريد الأخذ بالشفعة، ولا يحظر النقد: قال مالك: رأيت القضاة عندنا يؤخرونه في النقد اليوم اليومين والثلاثة.
قال ابن القاسم: ورأيت مالكًا استحسنه، وأخذ به ورآه. وفي تفسير ابن مزين مثله.
وقال ابن الماجشون في الثمانية: يؤجل العشرة أيام ونحوها. وقال أصبغ: الخمسة عشر والعشرين بالاجتهاد. وفي سماع ابن القسم عن مالك رحمه الله في المكاتب يقاطع إن