وإن لم يحضراك به ولا دفعا فه بما يكون مدفعًا أمرت أن يعتقل من رباعه ما لا يشك أنه إذا بيع قضى من ثمنه كفاف دين محمد الموجود عليه في الديوان، ويوكل القاضي وكيلاً يدخل المال الذي يعقته في المناداة، فإذا انتهى منتهاه باعه، فإن كان كفاف الدين الذي على محمد فذلك، وإلا بيع من ماله ما يتم به ما عليه من الدين، فهذا ما يجب للقاضي فعله، وقد علمنا أنه لم يكن منه تقصير فيما أفاه على محمد بن يحيى في الديوان، ولا عليه فيما نظر به في ذلك درك؛ لأنه نظر فيه نظر استقصاء واجتهاد. قاله ابن وليد، وأيوب بن سليمان، وابن لبابة ويحيى بن عبد العزيز.
إقرار ابن مزين بما كان على أخيه في الديوان: نظرك – أكرمك الله – فيما كان من إقرار ابن مزين بالعدة التي ألفيت على أخيه حسن في الديوان فأقر أنها صارت إليه، وأنها تحت يديه يغرمها إذا دعوته بها، وما شهد به عليه من ركوبه لبلغه حسن بسرجها ولجامها، حين أنضاها. فوجه الفتيا في ذلك أن يوقف جعفر على ركوب هذه البغلة التي لأخيه حسن، بأي معنى ووجه، فإن أنكر ذلك أو أقر بركوبها، ولم يذكر أنه ضمنها، وصار ثمنها عنده للمال الذي ذلك إقراره به أنه عنده، المدون عليه في ديوان القضاة، وجب عليه غرم قيمة البغلة بسرجها ولجامها وغرم المال الموجود على أخيه في الديوان بعد الإعذار إلى ورثة حسن في ذلك، إن كان فيهم من يعذر إليه، وإن لم يكن فيهم من يعذر إليه أخذ به وأرجئت الحجة لبني حسن.
وإن قال: إنما أخذت البغلة وتضمنتها وحبست ثمنها لهذا المال الموجود عليه في الديوان، ولذلك قلت إنه تحت يدي، ولم يوجد لقوله خلاف يثبت؛ حلف في مقطع الحق بالله على ما ادعاه، فإن كانت قيمة البغلة بسرجها ولجامها أكثر من ذلك؛ أخذ لورثة حسن، إن كانوا صغارًا. قاله ابن لبابه، وابن غالب، وابن وليد.
قال القاضي:
هذه المسألة كلها ظاهرة الاختلال بينة النقصان، وأول ما كان يجب من النظر فيها أن يثبت عنده موت حسن، وعدة ورثته، ومن منهم كبير وصغير، وهل على الصغير ناظر بإيصاء أم لا؟ فإن كانوا صغارًا أو منهم ولا وصي عليهم، قدم عليهم ناظرًا، ويشهد على ما في الديوان قبل مورثهم، ويعذر في ذلك وفيما أقر به عمهم من تصبير ذلك المال إليه والتزامه للبغلة وثمنها.