صاحب الأحباس ما ذكره، فالشهادة في عدمه تامة، وعلى المسجون الحلف في مقطع الحق: ما له مال ظاهرًا ولا باطنًا، وأنه متى أيسر قضي، فإذا حلف أمرت بإطلاقه مأجورًا إن شاء الله تعالى.
قال القاضي:
ولي القضاء محمد بن يحيى بن زكريا التميمي المعروف بابن برطان بعد موت القاضي أبي بكر محمد بن بيقي بن زرب، في شهر رمضان سنة أحدى وثمانين وثلاثمائة، وكان قبل قاضيا بحيان فنقل إلى قضاء الجماعة، ثم ظهر منه اختلال في أحكامه كبر سنة، فعزله ابن أبي عامر عن القضاء، وألحقه بالوزراء في المحرم سنة اثنين وتسعين وثلاث مائة، وتوفي في صدر دولة عبد الملك بن محمد بن أبي عامر في جمادي الآخرة سنة أربع وتسعين، وهو ابن خمس وتسعين سنة.
وتوفي أبو عبد الله بن العطار في إمارة محمد بن عبد الجبار في انبعاث الفتنة البربرية سنة تسع وتسعين، ودفن بمقبرة العباس.
وكان يونس بن عبد الله مشاورًا، وولي القضاء ببطليوس، ثم الصلاة والخطبة بالزهراء، والحكومة بالشرطة وارد، ثم تقلد قضاء الجماعة بقرطبة والخطبة لجماعتها في هذه الفتنة، وكان من عدد أصحاب القاضي ابن زرب وبرائه، قدم للفتوى وتوفي في رجب سنة تسع وعشرين وأربع مائة، وهو ابن تسعين سنة وأشهر، وكانت تحته أخت ابن العطار.
وكان يحيى بن عبد الرحمن ابن واقد اللخمي مقدمًا في أصحاب ابن زرب، وعبت عليه المنصور بن أبي عامر بعد موت ابن زرب، فأسقطه من الشورى، وألزمه داره مدة، ثم صرفه إليها وعاد إلى مرتبته، وقلد الصلاة بجامع الزهراء أيام عبد الملك بن أبي عامر، ثم دعاه وأضح مولى ابن أبي عامر قيم دولة الخليفة إلى ولاية قضاء الجماعة؛ إذ عزل أبو العباس ابن ذكوان قوليها، وكشف وجهه في دفع سليمان بن حكم وحربه أو حرب البربر معه، ثم تغلب معه البربر على قرطبة، فاختفى ابن واقد، وحد الطلب فيه إلى أن ألفى وحمل صاغرًا إلى سليمان بالقصر، وأخرج ميتًا على نعش بعد شهر، وتحاماه الناس أن يتولوا أمره حتى واراه حماد الزاهد ودفن في مقبرة الربض سنة خمس وأربع مائة، وانتقم له من سليمان في أقرب مدة بعده، وحسبنا الله ونعم الوكيل.