له الأخذ بالشفعة وأن يفسخ الكراء، وأصلها في ذلك - والله أعلم - ما في كتاب الاستحقاق فيمن اكترى دارًا لسنة، ثم استحقها رجل بعد مضي نصف السنة.
قال ابن القاسم: فللمكري كراء الأشهر الماضية، وللمستحق إخراج المكتري ونقض الكراء، وله إمضاء الكراء إن شاء، وإذا أمضاه لم يكن للمكتري أن يأباه.
ثم نزلت في صفر سنة ست وخمسين لعبد الله بن أحمد بن حاتم عند القاضي أبي زيد بن الحشا، فكتبت بها إلى قرطبة في صفر المذكور، وقلت في السؤال: وكيف إن أكره المشتري الشقص لعام أو أعوام بيسيرة أو كثيرة، هل للشفيع نقص الكراء.
فأجاب ابن القطان وابن مالك له: إن أخذ بالشفعة نقض الكراء إن شاء الله.
وجاوب أبو عبد الله بن عتاب: إن أكرى المبتاع الشقص، وهو يعلم أن له فيها شفيعًا لم ينفذ الكراء إلا في المدة اليسيرة كالأشهر، وأما في الوجيبة الطويلة فلا ينفذ الكراء، إلا أن يكون مكتري الأرض قد زرعها، فلابد من بقائه فيها حتى يحص، وإن كان المكتري لم يعلم بالشفيع وإنما استحق مستحق شقصًا من دار أو أرض فأخذ بالشفعة؛ فلا يفسخ الكراء في الوجيبة الطويلة، وأما ما يتعارف الناس من الكراء؟ كالسنة ونحوها، فذلك نافذا؛ لأنه فعل ما كان له جائزًا.
وهذه جملة ما سألت عنه، فيها كفاية إن شاء الله، وهي مفتقرة إلى زيادة بيان وشرح في الوجهين، ولا حاجة بنا وبك إلى التكلم في ذلك، والله أسأله التوفيق.
قال القاضي:
في جوابه هذا يرجع عما حكاه الشارقي لي عنه، وكأنه ذهب في قوله: إن إكراه المشتري عالمًا بالشفيع إلى ما في مسائل ابن زرب فيمن بني حصة ابتاعها وله شفيع، ثم قيم عليه بالشفعة فإنه يعطي قيمة بنيانه منقوصًا؛ لأنه بني في ماله ومال غيره، يريد فصار كالمتعدي في بنيانه فيما علم أنه لغيره.
وتفريقه بين المدة اليسيرة والكثيرة ينظر إلى ما في كتاب الجعل من المدونة فيمن أكرى أرض يتيمة لمدة فبلغ اليتيم قبلها، قال: إن أكراها لأربع سنين أو ثلاث، وهو لا