المقسوم. وبالقسمة أفتى في دار ابن أشرس بين ابنيه الوارثين لها، والتي بالربض الشرقي من مدينة قرطبة على نهرها بحومة مسجد ضوء ويغرب حمام أبدون، وهي دار كبيرة ذات مجاس وساحة وغرف. وأفتى غيره إذا قال: القسام لا نتهيأ قسمتها إلا بقسم وأن تباع.
واحتج ابن عتاب حينئذ لقوله بمسألة أخرجها إلينا معلقة بخط أبي إبراهيم إسحاق بن إبراهيم التجيي الطليلطي، على ظهر كتاب القسمة في الأسدية، وهي: قال أبو إبراهيم: قلت لمحمد بن عمر بن لبابة: قد علمت قول مالك في قسمة الدار وغيرها أن يقسم قليلها وكثيرها، وإن صار لكل وارث من ذلك لا ينتفع به إلا إذا دعيا إلى القسمة أحدهم، وقول ابن القاسم أنه لا يقسم من ذلك إلا ما لا ضرر فيه، فما الذي تختاره من هذا؟
فقال: قول ابن القاسم هو الذي أختاره، قال: فقلت له: إن ابن القاسم لم يجد فيه حدًا، فقال لي: إن كان ابن القاسم لم يحد فيه حدًا يه غيره: كان محمد بن أحمد العتبي يقول: يقسم ذلك، وإن كان يصير لكل واحدة مقدار جيلة، لأن فيها ما يأكل فيه ويقوم ويقعد ويمتد، فقلت له: وما الجيلة؟ فقال: ما بين جائزتين، قال: فقلت له: قد يكون ذلك مختلفًا بعضه أوسع ن بعض؛ فقال: الأمر متقارب، واختلافه فقيل، وأنا أرى أن يقسم ما يصير منه للواحد مقدار جبلتين. واستحسن ذلك.
قال أبو إبراهيم: ورأيته يفتي بذلك ويراه صوابًا.
قال القاضي:
قرأت هذه المسألة على من حضر من أصحابنا عند الشيخ أبي عبد الله، ورأيت في كتاب القسمة التي كانت هذه المسألة على ظهره من قول مالك: أنه يجوز للرجلين أن يقتسما طعامًا لهما على رجل من سلم قد حل أجله أو لم يحل، وأنه يجوز أن يأخذ أحدهما الثلث والآخر الثلثين، وقال: ذلك هبة من الراضي بالثلث.
الشريكان يطلب أحدهما القسمة ويتغيب الآخر:
قال ابن لبابة، وابن وليد، وابن غالب: إذا تورك أحد الشركاء عن الحضور للقسمة، وظهر ذلك للقاضي باتصال توركه أو بطول التردد في طلبه لحضوره فلم يحضر، أمر القاضي بالقسم عليه، ووكل له من يقبض نصيبه، فبيعت قاسمًا برضاه، ورجلين يقبل عليهما يحضران القسم، ووكيلاً يوكله للغائب وكالة يشهد له بها، ويجري في ذلك الكتاب