وسئل أبو إبراهيم: عن ورثة اقتسموا أرضًا، وعمر كل واحد نصيبه عشرين سنة أو أزيد، ثم قام أحدهم بغبن في القسمة يوم وقوعها، وشهدت له بينة، وقد فات ما أخذه الباقون أو لم يفت.
فجاوب: لو مكن الناس من هذا لم تستقر لهم قسمة، ولا معنى للسؤال عن هذا بعد عام، فكيف بعد المدة التي ذكرت، والمتكلف للجواب فيه أسوأ حالا من السائل عنه، ولو حسن الجواب فيه لم يصح إلا بعد كشف القائم عن تركه القيام بعد عام، فيكيف بعد عشرين عامًا؟، فإن أتى بعذر معلوم نظر له، ولا تعدو القسمة أحد وجهين: مراضاة أو قرعة، ولا قيام في المراضاة بوجه إلا في الاستحقاق فقط، والقرعة لا تكون إلا بتقويم وتعديل؛ فكيف يسمع مع هذا دعوى غبن؟ إلا من معنوه لا يعرف ما له مما عليه، أو كذاب لا يبالي بشين نفسه مع إدراكه بالتعييب من أراده بالتعييب، وشهاداءه بها الكذب والزور، إلا أن يتبين عذره، فينظر له أن شاء الله تعالى.
وفي أحكام ابن زياد:
فهمنا – وفقك الله – ما شهد به الشهود في دار حفص بن بسيل أن قسمنا سداد لا غبن فيها على المتقاسمين، واعتراض ابن الزجال زوج أميرة أن في بعض السهام آبارًا لم تذكر في القسمة، قد غطاها الردم، ولها قيم تحيل القسم، وسأل كشف الردم ليظهر ما قال.
فالذي نرى أن القسم على ظاهره تام كما شهد به الشهود، وإن أثبت المعترض ما اعترضه، فلك فيه نظر، وإن لم يثبته دعا إلى كشفه عنه، وكان ما دعا إليه قريب المأخذ لا ضرر على أهل السهام؛ يمنعه من اعمل في سهمه، والتطويل عليه – ما أمرت بكشف ما ادعاه.
وإن كان في تطويل وضرر عليهم، لم يقبل منه، وأطلق كل ذي سهم على سهمه، فإن ظهر ما قال عند البنيان كان فيه حكم الفائت بالعمل، والقريب فيه أن يكشفه من اليوم أو الغد، أو يثبت شراء حفص لعراض فيها صفة آبار وصهاريج، وتعين تلك العراض بالحيازة لمواضعها، فيجب بإثبات ذلك امتحانها، وإن من طول. قاله ابن لبابة، ومحمد بن وليد.
وقال ابن غالب: القسم على تمامه، ودعوى من ادعى آبارًا يريد بذلك فسخ القسم