للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حوز، وإن لم يسكنها ولا أسكنها قيل للقاضي: هب هذه المسألة صحيحة؟ فقال: هي صحيحة. قيل له: بإسلام حديدة؛ لا يدري أهي مفتاح للدار أم لا، تصح الحيازة؟ قال: نعم، فراجعه جميع من في المجلس، فقال: هو حيازة. ووقف على ذلك.

فقيل له في المتصدق عليه أو الموهوب له، يكري الشيء المتصدق به أو الموهوب له أو يعيره ويكون حيازة، وما الفرق بينه وبين قول المتصدق عليه: قد قبضت؛ فلا يكون حيازة؟ قال القاضي: ليست هذه بحجة، وهذا أمر جائز؛ لأنه خروج عن يد المتصدق عليه، وذكر عنده التطوف على الأرض الموهوبة، وقيل له: هل رأيت لأحد من أصحاب مالك أنه حيازة؟ فقال: لا، وإنما هو شيء أجمع الشيوخ عندنا عليه وجعلوه حيازة؛ لأنه كالتخلي. فقال له ابن صاعد: رأيت لبعض أصحاب مالك أن التطوف حيازة وسأريكه، فقال: ما رأيت هذا.

قال القاضي:

في كتاب ابن حبيب سألت ابن الماجشون عمن تصدق على أجنبي بأرض تزرع وتعتمل، ما وجه حوزها؟ فقال: أن يشهد على الصدقة، ويشيد ذكرها، ويخرج إليها، ويشهر أمرها، ويعلم بذلك جيرانه فيها، وتأخذ كتابًا بأمر القاضي إلى والي ذلك المكان: بأن تلك الصدقة قد حقت لفلان عندي، ونزل فيها منزلة فلان، وهذا وشبهه مما تحقق حوزه لها، وبعض هذا يكفي من بعض، وما كثر من ذلك وتظاهر أحب إلي.

وسألت عنه مطرًا فقال نحوه، إلا أنه لم يذكر أخذ كتاب القاضي، ولكن قال: إن حددها للشهود أوقفهم عليها فهو أقوى للحيازة، وإن حددها في كتاب الصدقة ولم يقف الشهود عليها مجملاً من غير تحديد؛ أجزأه أيضًا إذا امتنع منها، ونزل المتصدق عليه منزلته فيها.

قال: وسألت عنها أصبغ فقال لي مثل قول مطرف، ما لم يأت إبان عملها، فإن أتى فلمي عملها واحد منهما بطلت الصدقة، إلا أن يع لم أنه منع منها المعطي، فلا يضره حينئذ ترك العمل. قال: وإنما يكون الإشهاد حيازة لما لا يعتمل كالدين والشيء المهمل، ففي قول مطرف وأصبغ أن التطوف حوز، وهو توقيف الشهود على حدودها، وفي سماع يحيى في المدونة نحو ما زاده اصبغ في ترك العمل وقد حضر إبانه. فتأمل.

<<  <   >  >>