فإنما هي عمري، شرط المعمر فيها أنه إن مات هو قبل المعمر كانت هبة للمعمر، فصارت هبة الرقبة وصية، لأن المعمر قيد الهبة بصفة موته، فكان مالا ينفذ إلا بموت الواهب فهو وصية.
ومسألة سماع أشهب هي عمري محضة ينتفع بها المعمر حياة نفسه فقط، ثم مرجعها إلى ربها، شرط ذلك أم لا؛ لأن قول المعمر أعمرتك حياتك يغني عن قوله، فإذا مت رجعت العمرى إلي؛ لم يجعل للمعمر منها إلا الانتفاع بها حياة المعمر.
فخالفت مسألة سماع يحيى المقيدة بوصفين: أحدهما عمري ما لم يمت ربها المعطين فتعود عطية وتبطل العمري، فإذا آل الآمر إلى كونها بموت المعطي عطية لا عمري، لم تصح إلا على وجه الوصية.
قال القاضي:
كاد لا يكون في جواب هذين المفتيين إلا حكاية السؤال؛ لأن السائل قد ذلك الروايات التي أعادها هما في جوابهما، وإنما الوجه الذي توهمه السائل إبطالاً للحبس، أو يخرج من الثلث كمسألة الإعمال التي في سماع يحيى.
وفي رواية أشهب: إذا قال المحبس: هذه الدار أو القرية حبس على فلان وفلان أو بينهما، فإذا انقرضوا من آخرهم، فمرجع ذل المحبس، إن كان حيا، فإن لم يدركه حيًا، فإلى ولده دون سائر ورثته، فهذا إذا وقع لم يكن لولده منه شيء في غيره ميراثه، وكان بين جميع ورثته؛ لأنها وصية لوارث، إلا أن أجاز الورثة ذلك للولد، فيكون له، وإذا لم يجيزوا له شاركوه في الأصل ميراثًا.
وإن قال: إن لم يدر كوني حيا رجع إلى ولدي وولد ولدي، أو قال: إلى ولدي، وإلى بني فلان، ولم يجز الورثة ذلك للولد؛ فإنه يقسم بين الولد وولده أو بينه وبين بني فلان بالسواء إذا استوت حاجتهم، فما ناب الولد دخل معه فيه الورثة فانتفعوا به على مواريثهم حياته، فإذا انقرض رجع إلى ولد الولد، أو إلى بني فلان، وخرج الورثة عنه، وإن قال: رجع إلى ولدي ثم من بعده في سبيل الله، أو على المرضى بموضع كذا أو على مسجد كذا، فإن وسعه الثلث دخل الورثة مع الولد في المنافع، لا في الأصل، فانتفعوا به على حسب مواريثهم، ما دام الولد حيًا، فإذا مات صار إلى الوجه الذي سبله فيه من مسجد أو غيره، وإن لم يسبله بعد الولد في وجه، شركة الورثة في أصله واقتسموا ميراثًا