وقفت لي - أكرمك الله - رسولك مع مولى الزاهد الصياد ومولاته، واختلفا في الدار التي حبسها عليهما، وذكرت المولاة أن المولى المحبس عليه معها أكراها لنفسه دونها، ولم يعطها نصيبها، وقال المولى: ما أكريت إلا هذه السنة وعام أول.
فالذي يجب أن يغرم إليهما نصيبهما من كراء السنتين، بعد أن يحلف بالله: ما قبضت منها شيئًا وتحمل المرأة البينة على السنتين الماضيتين، فإن جاءت بالبينة غرم حصتها من كرائهما، وإن لم يثبت ذلك حلف المولى بالله ما اكتريتها، ولا أخذت لها كراء غير هاتين السنتين التين أقررت بهما، وبالله التوفيق، ثم لا يكريها أحدهما إلا برضاء صاحبه. قاله ابن لبابة.
في الحانوتين المحبسين للغساني وفسخ البيع فيهما:
فهمنا - وفقك الله - ما شهد به على زوجة الغساني من بيعها للحانوتين اللذين ثبت تحبسهما، ووجب للمشتري الرجوع على البائعة بالثمن، وقالت عند الإعذار إليهما: إنها باعت مكرهة معروضًا عليها السياط، وعندي في ذلك مدفع بهذا الإكراه، فيجب أن تحمل إثبات ما ذكرت، فإن أثبتت أن بيعها كان مكرهًا، وجب الكراء في مال المشتري المكره، ولزمها رد الثمن، إلا أن تثبت لها أنها ردت الثمن وضمت إلى الإشهاد بالقبض، ولم تقبض في علمهم وما اطلعوا عليه. قاله عبيد الله، وابن لبابة، وسعد بن معاذ، ويحيى بن عبد العزيز، وابن وليد، وابن غالب، وأحمد بن يحيى بن أبي عيسى.
قال القاضي:
وعند آخر حبس الواضحة قال ابن حبيب: سألت مطرفًا عن منزل حبس على المساكين فرفع إلى قاض، فجهل فباعه، وفرق ثمنه على المساكين، ثم رفع إلى غيره بعده فقال: يفسخ البيع، ويرد المنزل حبسًا كما كان. قال: قلت له: فالثمن ممن يأخذه المشتري، وهل هو على السلطان الذي باعه؟ فقال لي: لا أرى عليه شيئًا، وخطأ الإمام في الأموال هدر إذا اجتهد فأخطأ، ويدفع الثمن إلى المشتري من غلة الحبس.
وسألته عمن بني مسجدًا في قرية فصلى فيه نحو سنتين، ثم باعه ممن نقضه وبناه بيتًا أو دارًا، أو تصدق به على من فعل هذا به. فقال: يفسخ ما فعل، ويرد إلى ما كان عليه مسجدًا وهو كالحبس لله لا يجوز بيعه ولا تحويله عن حاله، وللباني نقض بنيانه، وإن شاء