للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحباسهم المسلمين – حماهم الله وكفاهم – وتفارقا لوجوه يطول ذكرها: منها أن المسلم لا رجوع له في حبسه، ولا سبيل له إلى فسخه ونقضه، وواجب على القاضي إذا أنهى إليه تحصينه بالإشهاد عليه، والتسجيل فيه، وعلى هذا جرى أمر القضاء رحمهم الله.

والذمي إذا حبس ثم أراد الرجوع في فعله بنقضه وبيعه أو بما شاء، لم يعرض له ولا يمنع منه ولا يحل لقاضي النظر في تحصينه وإنفاذه؛ لضعفه، والى نحو هذا ذهب أصبغ بن الفرج، ولرواته معنى ليس موضع بيانه.

وقد روى عيسى عن ابن القاسم: أن لأهل الصلح بيع أرض الكنيسة إن أحبوا، وذلك من أحباسهم، وإذا قد باع اليهوديان المحبسان الجنة التي حبساها، فبيعها جائز ونافذ، ولا قيام لهما ولا للمحبس عليه على المبتاع، ولا سبيل لهم إلى الجنان، ولو قام القائم في حين نفوذ البيع وقوعه لم يرد البيع ولا فسخ، فكيف وقد حبس المبتاع ما ابتاع، ومضت المدة التي وصفت.

وتحبيس المسلم لذلك جائز نافذ، ويلزم القاضي إنقاذه وإمضاؤه والحكم به، ولا يسعه غير ذلك، ولا يراعى في حبس اليهودي حيازة ولا غيرها، بعد البيع، كانت الحيازة صحيحة أو ضعيفة.

وكذلك الشهادة على الخط لا يلتفت إليه فيها، ولا يسمع إقرار اليهودي أنه حاز نصيبه منها؛ إذ لا منفعة فيه، إلا أن لليهودي المقر له بذلك القائم بالحبس مطالبة عميه البائعين لما حبساه عليه، أن أحب، ومحاكمتها إلى حكم أهل دينهم، إن شاء الله تعالى.

فدان محبس على مسجد ادعى مدع أنه من مال الجزية:

من أحكام ابن زياد: فهمنا – وفقك الله – ما كشفت عنه من الفدان الذي بحسه طريف الفتى على مسجد بقرية طرجيلة، وما كان من قيام من قام عند القومس أنه من أرض الجزية، وما وقع إليك من ذلك.

فالذي يجب فيه: بقاء الفدان على ما حبس حتى يثبت عندك بالبينة أنه من مال الجزية، فإذا أثبت ذلك عندك نظرت فيه بما يجب إن شاء الله. قاله ابن لبابة، وأيوب بن سليمان، وابن وليد، وابن غالب.

شوري في أحباس البوادي:

أتانا – رحمنا الله وإياكم – قوم من قرى شتى يذكرون أن عندهم مساجد خربة،

<<  <   >  >>