شاورنا أصحاب الأحكام والأحباس بقرطبة محمد بن مكي عن امرأة ساكنة في دار محبسة على صالحات النساء أرادت النكاح، أو مراجعة زوج كان طلقها ويسكن معها في تلك الدار.
فأفتيت: أنا وأبو الحسن علي بن محمد: أن لها ذلك، إن كان الزوج عديمًا لا يستطيع على إسكانها، ويكون في ذلك تبعًا لها.
وأفتى أبو عبد الله ابن فرج، وعبد الله بن أدهم: أنها تخرج من الدار إذا نكحت، ولا يجوز بها السكنى معه فيها، وبلغني أن بعضهم زعم أنها نزلت عند القاضي أبي علي ابن ذكوان.
وأفتى ابن عتاب، وابن القطان:
بأنها ليس لها ذلك، فرأيت في المنام سحر ليلة الاثنين في أول ليلة من المحرم سنة خمس وستين أني كأني خرجت من دار داخلية أنا وعيسى بن أبي عمر القطان، فكنت أجد في الدار البرانية منها أبا مروان بن مالك رحمه الله جالسًا فجلست إليه وقلت له: كيف أنت؟ وأين غبت؟ ونحو هذا، وقلت له: قد سألت عنك أبا بكر بن الفلجياني وكان يقع في نفسي أنه كان غائبًا، وأن الدار التي خرجت منها له، وأظن أني ذكرت له أني حسبته غائبًا، فكأنه أنكره، فقلت له: كل يوم أتى دارك أناظر فيها، وكان يقع في نفسي أن عيسى بن القطان يقرأ على فيها، فكأنه عز عليه قولي، كل يوم أناظر في دارك.
وقلت له – أو قال هو ذلك لي -: ليتنا لو اجتمعنا نقرأ كتابًا واحدًا، وكان يجرى ببالي كتاب الحبس من المدونة، ثم كان يقوم عن موضعه ناهضًا، ويمشي في مكان مجهول لا أعلمه في الدار، يسير وأنا أتبعه، وفي أثري عيسى، فكنت أسأله عن المسألة المتقدمة، فقال لي: ليس يسكن معها زوج في الدار أو نحو هذا.
فقلت له: قد أفتيت أنا بأن له أن يسكن معها، فقال لي: وأنا قد اعتراني ذلك، حتى وقفت على السطر الذي هي فيه، ثم كان يقول: الناس على شروطهم في صدقاتهم. فكنت أقول أنا متصلا بكلامه: ويقبل منهم قولهم فيما أعطوا.
وكنت أتذكر في ذلك الحين ما في سماع يحيى وعيسى وغيرهما من مسائل من حبس وشرط، أن من تزوج من بناته خرجت من الحبس، فإن ردتها رادة من موت زوج أو