ولذا قال المرداوي (الإنصاف ٤/ ٥٣): (فإذا فرغ من الحج استُحب له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه، هذا المذهب وعليه الأصحاب قاطبة، متقدمهم ومتأخرهم) ولم يذكر غير ذلك، كما أن الأصحاب ينصون في كتاب الجنائز على عدم استحباب شد الرحال إلى القبور، دون استثناء قبر نبي أو غيره، فدل أن مرادهم هنا السفر إلى مسجد المدينة وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.
وقال شيخ الإسلام (الفتاوى الكبرى ٥/ ٢٨٩): (ومن اعتقد في السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين أنه قربة وعبادة وطاعة فقد خالف الإجماع)، وقال (٢٧/ ٣٣٥): (فإذا حصل الاتفاق على أن السفر إلى القبور ليس بواجب ولا مستحب كان من فعله على وجه التعبد مبتدعاً مخالفا للإجماع، والتعبد بالبدعة ليس بمباح). وأما ما نقله البهوتي عن ابن نصر الله (كشاف القناع ٢/ ٥١٥): (قال ابن نصر الله: لازم استحباب زيارة قبره صلى الله عليه وسلم استحباب شد الرحال إليها؛ لأن زيارته للحاج بعد حجه لا تمكن بدون شد الرحل، فهذا كالتصريح باستحباب شد الرحل لزيارته صلى الله عليه وسلم)، فغير مسلم، ولم يُردْه أحد من الأصحاب، وإنما شيء استظهره هو.