أن يكون معه شد رحل: فلا نزاع في المنع منه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلاثَةِ مَسَاجِدَ: المَسْجِدِ الحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَسْجِدِ الأَقْصَى» [البخاري: ١١٨٩، ومسلم: ١٣٩٧]. أن يكون في مسجد مصره ويصحبه رفع صوت بشدة، أو إنشاد الأشعار الباطلة ونحوه: فيمنع منه كذلك؛ لما صحبه من المنكر. أن يكون في مسجد مصره، ولا يصحبه صوت ونحوه، بل مجرد ذكر ودعاء: فهذا الذي وقع فيه اختلاف السلف. شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم [٢/ ١٥٠]: (فأما قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر؛ فهذا هو التعريف في الأمصار الذي اختلف العلماء فيه، ففعله ابن عباس وعمرو بن حريث من الصحابة، وطائفة من البصريين والمدنيين، ورخص فيه أحمد، وإن كان مع ذلك لا يستحبه، هذا هو المشهور عنه، وكرهه طائفة من الكوفيين والمدنيين؛ كإبراهيم النخعي وأبي حنيفة ومالك وغيرهم، ومن كرهه قال: هو من البدع، فيندرج في العموم لفظًا ومعنى، ومن رخص فيه قال: فعله ابن عباس بالبصرة حين كان خليفة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ولم ينكر عليه، وما يفعل في عهد الخلفاء الراشدين من غير إنكار لا يكون بدعة. لكن ما يزاد على ذلك من رفع الأصوات الرفع الشديد في المساجد بالدعاء، وأنواع من الخطب والأشعار الباطلة: مكروه في هذا اليوم وغيره، وأيضًا فإن شد الرحال إلى مكان للتعريف فيه، مثل الحج، بخلاف المصر، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا»، هذا مما لا أعلم فيه خلافًا).
وقال في مسألة في المرابطة في الثغور ص ٦٣: (وأما السفر للتعريف بغير عرفة: فلا نزاع بين المسلمين أنه من الضلالات). وأما ما نقله المرداوي [الإنصاف ٢/ ٤٤١] عن شيخ الإسلام، بقوله: (ولم ير الشيخ تقي الدين التعريف بغير عرفة، وأنه لا نزاع فيه بين العلماء، وأنه منكر وفاعله ضال)، فلمراد إذا لزم منه شد الرحل، كما تقدم في كلام شيخ الإسلام. (٢) قال في المطلع (ص ١٢٨): (الكُسُوف: مصدر كَسَفت الشمس: إذا ذهب نورُها، يقال: كَسَفَت الشمس والقمر، وكُسِفَا وانْكَسَفَا، وخَسَفَا وخُسِفَا، وانخسفا، ست لغات، وقيل: الكسوف مختص بالشمس والخسوف بالقمر، وقيل: الكسوف في أوَّله والخسوف في آخره، وقال ثعلب: كَسَفَت الشمس وخَسَفَ القمر، هذا أجود الكلام).