الحمد لله الذي حفظ سنة نبيه ﵊، بعلماء أمته الأعلام فصانوها، وجمع بهم متفرقات جوامع كلمه فزانتهم وزانوها، وامتازوا صحاحها وحسانها مما أدخله أهل الضلالة وأهل الجهالة وأبانوها، وفازوا بشهادته ﷺ لهم بالعدالة حيث قال:
"يحمل هذا العلم من أمتي عدولها" فكانوها.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبته، وسائر علماء أمته، الذين دوّنوا الشريعة ودانوها.
أما بعد:
فقد تواتر عنه ﷺ أنه قال:"من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار" فاتفق أهل البصائر أن ذلك من أعظم الذنوب والأوزار.
ولما كان كثيرًا ما يجري على الألسنة كلمات ترفع إلى النبي ﷺ، بعضها وارد عنه، وبعضها لم يؤثر، ولم يعلم، تعين حينئذ على من امتن الله عليهم بالاطلاع على أصول الحديث وأنعم أن يبينوا الثابت من ذلك من غيره، ويعربوا عما استعجم، فتصدى لذلك الإمام بدر الدين الزركشي - رحمه الله تعالي - وألف في ذلك تأليفًا، لكنه غير واف بالمقصود؛ لكونه قليلًا لطيفًا، فذيل عليه الحافظان الشمس السخاوى والجلال السيوطي - رحمهما الله تعالى، وأسبل عليهما من رضوان الله سجالا -، وجمعا في ذلك كتابين حافلين ومؤلفين كاملين، غير أن تأليف السخاوى أتم فائدة، وأكثر عائذة، وقد سماه:"المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث الجارية على الألسنة"، وسمي السيوطي كتابه بـ "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" ولا يخلو من