للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالذّات والقهر، وكمال الأوصاف ... " (١).

وقد استدل العلماء بقوله: ({رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ}، على ثبوت الفوقية والعلوّ لله تعالى، بلا تشبيهٍ ولا تمثيل (٢).

النموذج الثاني:

ومن أمثلة مخالفة طرق التفسير المعتمدة، ما جاء في تفسير قوله تعالى:

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢)} (٣).

قال الزّمخشري عند قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ}: "فمنكم آت بالكفر وفاعل له" (٤).

الشاهد: تأويل الزّمخشري الآية بمذهب المعتزلة، الذي يقضي بأن العبد هو الخالق لفعله، وهذا منافٍ للطرق المعتمدة في التفسير، ومخالفٌ لما عليه أهل السُّنّة والجماعة، من أن الله خالق أفعال العباد (٥).

والصحيح في تفسير الآية ما جاء عن الطبري، يقول: " {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ}، فمنكم كافرٌ بخالقه وأنه خلقه، {وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ}، يقول: ومنكم مصدِّقٌ به موقنٌ أنه خالقه أو بارؤه" (٦).


(١) تيسير الكريم الرحمن (ص: ٤٤٢).
(٢) يُنظر: محاسن التأويل (٦/ ٣٧٧).
(٣) سورة التغابن: ٢.
(٤) الكشاف (٤/ ٥٤٥).
(٥) للاستزادة، يُنظر: شرح العقيدة الواسطية للعثيمين (٢/ ٢١٩)، والمسائل الاعتزالية في تفسير الزمخشري، لصالح بن غرم الله الغامدي (ص: ١٠٠٤).
(٦) جامع البيان (٢٣/ ٤١٦).
وقيل: "إن تمام الكلام عند قوله ̧: {خَلَقَكُمْ}، ثم وصفهم، فقال ̧: {فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} ... " زاد المسير في علم التفسير (٤/ ٢٩٢).

<<  <   >  >>